للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال لها: اختاري اليوم وبعد غد؛ فإنها إذا ردَّته في الأول لم يبطل بعد غد؛ لأنهما خياران ينفصل (١) أحدهما من صاحبه.

(وإن قال: اختاري نفسك اليومَ، واختاري نفسك غدًا، فردَّته في اليوم الأول؛ لم يبطل) الخيار في اليوم (الثاني) لأنهما خياران، كما دَلَّ عليه إعادة الفعل.

(ولو خيَّرها شهرًا، فاختارتْ) نفسها (ثم تزوَّجها) أو لم تخترها، لكن طَلَّقها، ثم تزوَّجها (لم يكن لها عليه خيار) لأن الخيار المشروط في عقد لا يثبت في عقد سواه، كالبيع.

(وإن جعله) أي: الخيار (لها اليوم كله، أو جعل أمرها بيدها، فردته، أو رجع فيه، أو وطئها؛ بَطَل خيارها) لأنه توكيل، وقد رجع فيه.

(ولفظة الأمر والخيار، كناية في حق الزوج، يفتقر إلى نِيَّة) بأن ينوي بذلك تفويض الطلاق إليها، كسائر الكنايات (فلفظةُ الأمرِ كناية ظاهرة، و) لفظة (الخيار) كناية (خفيَّة، كما تقدَّم) في أول الكنايات.

(فإن نوى) الزوج (بهما) أي: بـ"أمركِ بيدكِ"، وبـ"اختاري نفسك" (الطلاق في الحال؛ وقع) الطلاق في الحال (ولم يحتج) وقوعه (إلى قَبولها) كسائر الكنايات.

(وإن لم ينوِ) إيقاعه في الحال، بل نوى تفويضه إليها (فإن قَبِلته بلفظ الكناية، نحو: اخترتُ نفسي؛ افتقر) وقوعه (إلى نيتها) لأنه كناية، أشبه ما لو أوقعه هو بكناية.

(وإن قَبِلته بلفظ الصريح، بأن قالت: طَلَّقت نفسي؛ وقع من غير نِيَّة) لعدم افتقاره إليها.


(١) في "ذ": "منفصل".