كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع - ط وزارة العدل

كتاب الصيام - إن جرح الصائم جرحة لا يصل إلى الجوف لم يفطر - ج: 5 - ص: 259

قال: "احتجَمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من شيء كان وَجدَه" (١).

وأحاديثنا أكثر، واعتضدت بعمل الصحابة (٢)، وهي قول، وحديثهم فِعلٌ، والقول مقدَّم؛ لعدم عموم الفِعل، واحتمال أنه خاصٌّ به. ونَسْخُ حديثهم أَولى؛ لأنه موافق لحُكم الأصل، فَنَسْخُه يلزم منه مخالفة الأصل مرة واحدة، بخلاف نَسْخِ حديثنا؛ لأنه يلزم منه مخالفة الأصل مرتين.

فإن لم يظهر دم، فلا فِطر.

و(لا) فِطر (إن جَرَحَ) الصائم (نفسه، أو جَرَحه غيرُه بإذنه، ولم يصل إلى جَوفه) شيء من آلة الجرح (ولو) كان الجرح (بدل الحجامة).

(ولا) فِطر (بِفَصْد (٣) وشَرْطٍ (٤)، ولا بإخراج دمه برُعاف) لأنه لا نَصَّ فيه، والقياس لا يقتضيه.

(أيَّ ذلك) المذكور مِن الأكل والشُّرب، وما عُطف عليهما (فَعَلَ) الصائمُ (عامدًا) أي: قاصدًا للفعل (ذاكرًا لصومه، مختارًا) لفعله (فَسَدَ صومُه، ولو جهل التحريم) لعموم ما سبق (فلا يفطر غير قاصد الفعل، كمن طار إلى حَلْقه غبار ونحوه) كذُباب (أو ألقي في

---

(١) أبو بكر يحتمل أن يكون الخلال، أو غلام الخلال، وكتاباهما لم يطبعا، وقد أخرجه البخاري في الطب، باب ١٥، حديث ٥٧٠٠، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بلفظ: "احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - في رأسه وهو محرم، مِن وَجَع كان به. . .".
(٢) تقدم تخريج أقوالهم (٥/ ٢٥٧) تعليق رقم (١، ٢، ٣، ٤).
(٣) الفَصْد: شقُّ العِرق لاستخراج الدَّم. لسان العرب (٣/ ٣٣٦)، مادة (فصد)، والقاموس المحيط ص/ ٣٦٠، مادة (فصد).
(٤) الشَّرْط: بَزْغُ الحجّام بالمشرط، مأخوذ من البزغ وهو الشق. لسان العرب (٧/ ٣٣٢) و(٨/ ٤١٨)، مادة (بزغ).