للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحرم؛ ولأن أهل الحرم يحتاجون إلى الزجر عن المعاصي، حفظًا لأنفسهم وأموالهم وأعراضهم، ولو لم يُشرع الحدُّ فيه لتعطلت الحدودُ في حقِّهم، وفاتت المصالح التي لا بُدَّ منها.

(ولو قوتلوا في الحرم، دفعوا عن أنفسهم فقط) لقوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوهُمْ (١) عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} (٢) قُرئ بهما (١)، ذكر ابن الجوزي (٣): أن مجاهدًا وغيره قالوا: الآية محكمة. وفي "التمهيد" (٤): أنها نُسخت بقوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (٥) وفي "الأحكام السلطانية" (٦): تقاتل البُغاة إذا لم يندفع بغيهم إلا به؛ لأنه من حقوق الله، وحفظُها في حَرَمه أولى من إضاعتها. وذكره الماوردي (٧) عن جمهور الفقهاء، ونصَّ عليه الشافعي (٨)، وحمل الخبر على ما يعم إتلافه، كالمنجنيق إذا أمكن إصلاح بدون ذلك. وذكر ابن العربي (٩): لو تغلب فيها كفار أو بغاة وجب قتالهم بالإجماع. وذكر الشيخ تقي الدين (١٠): إنْ تعدى أهل مكة على الركب، دفع الركب كما يدفع


(١) قرأ حمزة والكسائي وخلف: "ولا تقتلوهم"، وقرأ الباقون: "ولا تقاتلوهم"، انظر: إتحاف فضلاء البشر ص/ ١٥٥.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٩١.
(٣) ناسخ القرآن ومنسوخه ص/ ٢١٨، وزاد المسير (١/ ١٩٩).
(٤) (١٤/ ٤٠٣).
(٥) سورة التوبة، الآية: ٥.
(٦) "للقاضي". ش. وهو في الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى ص/ ١٩٣ - ١٩٤).
(٧) الأحكام السلطانية ص/ ١٦٦.
(٨) الأم (٤/ ٢٩٠).
(٩) أحكام القرآن (٢/ ٤٥٦).
(١٠) انظر: الفروع (٦/ ٦٤).