للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جماعةً منهم ابن مسعود وابن عباس (١) قالوا: "من غير مِلَّتكم ودينكم"؛ ولأن الشاهدين من المسلمين لا قَسَامة عليهما، ولا يصحُّ حَمْلها على التحمُّل؛ لأنه أمر بإحلافهم، ولا يمين في التحمُّل، وحَمْلها على اليمين غير معقول (٢)؛ لقوله تعالى: {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ} (٣)؛ ولأنه عطف على ذوي العدل من المؤمنين وهما شاهدان.

(الخامس: الحفظ، فلا تُقبل شهادةُ مُغَفَّل، ولا معروف بكثرةِ غَلَطٍ ونسيان) لأن الثقة لا تحصُل بقوله، لاحتمال أن تكون شهادته مما غلط فيها وسَهَا؛ ولأنه رُبَّما شَهِد على غير مَن استشهد عليه، أو بغير ما شَهِد به، أو لغير مَن أشهده. وعُلم منه أنها تُقبل ممن يَقِلُّ منه ذلك؛ لأن أحدًا لا يسلم من الغَلَط مرة (٤) والنسيان.

(السادس: العدالة ظاهرًا وباطنًا) لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٥)؛ وقوله: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (٦) وقرئ بالمثلثة (٧)؛ ولأن غير العدل لا يؤمن منه أن يتحامل على غيره، فيشهد عليه بغير حَقٍّ. وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعًا: "لا تَجُوزُ شهادَةُ خائنٍ ولا خائنَةٍ، ولا ذي غِمْرٍ (٨) على أخيهِ، ولا تجوزُ


(١) انظر: تفسير الطبري (٧/ ١٠٥)، والدر المنثور (٢/ ٣٤٢ - ٣٤٣).
(٢) في "ذ": "مقبول".
(٣) سورة المائدة، الآية: ١٠٦.
(٤) قوله: "مرة" ليس في "ذ".
(٥) سورة الطلاق، الآية: ٢.
(٦) سورة الحجرات، الآية: ٦.
(٧) قرأ حمزة والكسائي وخلف العاشر: "فتثبتوا" بالثاء والتاء. انظر: إتحاف فضلاء البشر ص/ ٣٩٧.
(٨) "قوله: غمر: أي حقد". ش.