للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وليس للمضطر الإيثارُ بالطعام الذي معه في حالِ اضطراره) لقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (١).

(ولا يجوز لأحدٍ أن يأخذ من المُضطرِّ طعامَه المضطرَّ إليه، فإن أخذه فمات) صاحبُهُ جوعًا (لزمه) أي: الآخذ (ضمانُه) لأنه قتله بغير حق.

(وإن لم يكن صاحبه مضطرًّا إليه، لزمه بَذْلُه) للمضطر (بقيمته) لأنه يتعلَّق به إحياءُ نفسِ آدمي معصوم، فلزمه بَذْلُه، كما يلزمه بَذْل منافعه فِي تخليصه من الغرق.

(فإن أبى) ربُّ الطعام بَذْلَه (أخذه) المضطرُّ (بالأسهل من شراء أو استرضاء، ولا يجوز قتالُه) حيث أمكن أخذُه بدونه؛ لعدم الحاجة إليه، كدفع الصائل.

(فإن أبى) ربُّ الطعام بَذْلَه بالأسهل (أخذه) المضطرُّ (قهرًا) لأنه يستحقه دون مالكه (ويُعطيه) المضطر (عوضه) أي: مثله أو قيمته؛ لئلا يجتمع على مالكه فواتُ العين والمالية.

(فإن منعه) أي: منع ربُّ الطعام المضطرَّ من أخذه (فله قتالُه على ما يسدُّ رمقه) لأنه منعه من الواجب عليه، أشبه مانعي الزكاة.

(فإن قُتِلَ صاحبُ الطعامِ لم يجب ضمانه) لأنه ظالم بقتاله، أشبه الصائل (وإن قُتِلَ المضطرُّ فعليه) أي: صاحب الطعام (ضمانه) لأنه قَتَله ظلمًا.

(ويلزمه) أي: المضطر (عوضه) أي: الطعام (في كلِّ موضعٍ أخذه) لما تقدم.


(١) سورة البقرة، الآية: ١٩٥.