للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ويجوز أن يَفدي بها) أي: الزكاة (أسيرًا مسلمًا في أيدي الكفار) نص عليه (١)؛ لأنه فكّ رقبةٍ منْ الأسر، فهو كفك رقبة العبد من الرق؛ ولأن فيه إعزاز الدين، فهو كصرفه إلى المؤلفة قلوبهم؛ ولأنه يدفعه إلى الأسير لفكِّ رقبته من الأسر، أشبه ما يدفعه إلى الغارم لفك رقبته من الدَّين (قال أبو المعالي: ومثله لو دفع إلى فقير مسلم غَرَّمَه سلطان مالًا، ليدفع جَوْره.

ويجوز أن يشتري منها) أي: الزكاة (رقبةً يعتقها) رُوي عن ابن عباس (٢)؛ لعموم قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} (٣) وهو متناول للقِنِّ، بل ظاهر فيه، فإن الرقبة تنصرف إليه إِذا أطلقت، كقوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} (٤).


(١) انظر مسائل ابن هانئ (١/ ١١٦).
(٢) قال البخاري في الزكاة، باب ٤٩، قبل حديث ١٤٦٨: ويُذكر عن ابن عباس -رضي الله عنهما- يُعتِق من زكاة ماله، ويعطي في الحج. ووصله أبو عبيد في الأموال ص / ٧٢٢، رقم ١٩٦٦، ١٩٦٧، وابن أبي شيبة (٣/ ١٨٠)، وابن زنجويه في الأموال (٣/ ١١٧٦) رقم ٢٢٠١، وابن حجر في تغليق التعليق (٣/ ٢٤).
قال أبو عبيد ص / ٧٣٣: وقول ابن عباس أعلى ما جاءنا في هذا الباب، وهو أولى بالاتباع، وأعلم بالتأويل، وقد وافقه الحسن على ذلك، وعليه كثير من أهل العلم.
ونقل الحافظ ابن حجر في الفتح (٣/ ٣٣٢) عن الإمام أحمد قوله في الحديث: هو مضطرب. قال الحافظ: وإنما وصفه بالاضطراب للاختلاف في إسناده على الأعمش، ولهذا لم يجزم به البخاري.
(٣) سورة التوبة، الآية: ٦٠.
(٤) سورة المجادلة، الآية: ٣.