للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وللمُدَّعي) إذا أنكر المُدَّعى عليه (أن يقول: لي بيّنةٌ) لأن الحقَّ له، والبينةُ طريقٌ إلى تخليصه (وللحاكم أن يقول) للمُدَّعي: (ألك بيّنة (١)) لقوله - صلى الله عليه وسلم - للحضرمي: "ألك بينةٌ؟ قال: لا" رواه مسلم (٢). وفيه: "فلك يمينه"، فإن كان المُدَّعِي عارفًا بأنه موضع البينة، خيّر الحاكم بين أن يقول ذلك، وبين السكوت.

(فإن قال) المُدَّعِي: (لي بينةٌ، قيل) أي: قال (له) القاضي: (إن شئتَ فأحضرها) قال في "المغني": لم يقل: أحضِرْها؛ لأن ذلك حقٌّ له، فله أن يفعل ما يرى.

(فإذا أحضرها) المُدَّعِي (لم يسألْها الحاكمُ عَمَّا عندها حتى يسأله المُدَّعِي ذلك) لأنه حقٌّ له (فإذا سأل (٣) المُدَّعِي سؤالها، قال: مَن كانت عنده شهادة فلْيذكُرْها إن شاء، أو يقول: بِمَ تشهدان؟ ولا يقول لهما: اشْهَدَا) لأنه أمرٌ. وكان شُريح يقول للشاهدين: ما أنا دعوتُكما، ولا أنهاكما أن ترجعا، وما يقضي علي هذا المسلم غيركما، وإني بكما أقضي اليوم، وبكما أتقي يوم القيامة (٤).

(وليس له) أي: القاضي (أن يُلقِّنَهما) الشهادة، وفي "المستوعب": لا ينبغي، وفي "الموجز": يُكره (كتعنُّتِهما) أي: تعنت (٥) الشاهدين (وانتهارِهما) لأنه ربما حملهما أو غيرهما على كتمان


(١) في "ذ" ومتن الإقناع (٤/ ٤٣٢) زيادة: "قَبْلَ قولِه وبعدَه".
(٢) في الإيمان، حديث ١٣٩، عن وائل بن حجر رضي الله عنه.
(٣) في "ذ" ومتن الإقناع (٤/ ٤٣٢): "سأله".
(٤) أخرجه وكيع في "أخبار القضاة" (٢/ ٢٥٤، ٢٩٦، ٢٩٩، ٣١٦، ٣٣٥، ٣٩٢).
(٥) في "ذ": "كتعنيفهما أي: تعنّف". وعنَّته تعنيتًا: شدَّد عليه وألزمه ما يصعب عليه أداؤه. القاموس المحيط ص/ ٢٠٠، مادة (عنت).