للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكون الجسم الواحد ليس في مكانين (و) عرف (ما يضرّه وما ينفعه غالبًا) لأن الناس لو اتفقوا على معرفة ذلك لما اختلفت الآراء.

(فلا تُقبل شهادةُ مجنون، ولا معتوه) لأنه لا يُمكنه تحمُّل الشهادة ولا أداؤها؛ لاحتياجها إلى الضبط، وهو لا يعقله.

(وتُقبل ممن يُخْنَقُ أحيانًا) إذا شَهِد (في حال إفاقته) بها لأنها شهادةٌ من عاقلٍ، أشبه مَن لم يُجن.

(الثالث: الكلام، فلا تُقبل شهادةُ أخرسَ، ولو فُهمت إشارتُه) لأن الشهادة يُعتبر فيها اليقين، ولذلك لا يُكتفى بإشارة الناطق، وإنما اكتُفي بإشارة الأخرس في أحكامه المختصَّة به؛ للضرورة (إلا إذا أدَّاها) الأخرس (بخطِّه) فَتُقبل.

(الرابع: الإسلام، فلا تُقبل شهادةُ كافرٍ) لقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (١) والكافر ليس مِنَّا، ولو قُبلت شهادةُ غير المسلمين، لم يكن لقوله: "منكم" فائدة؛ ولأن الكافر غير مأمون (ولو) كانت الكافر (من أهل الذِّمَّة، ولو) شَهِد الكافر (على) كافر (مثله) لعموم (٢) ما سبق.

وحديث جابر: "أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أجازَ شَهادَة أهلِ الذِّمَّة بَعضِهم على بَعضٍ" رواه ابن ماجه (٣): ضعيف، فإنه من رواية مُجالدٍ. ولو سُلِّم


(١) سورة الطلاق، الآية: ٢.
(٢) في "ذ": "لمفهوم".
(٣) في الأحكام، باب ٣٣، حديث ٢٣٧٤. وأخرجه - أيضًا - البيهقي (١٠/ ١٦٥)، من طريق أبي خالد الأحمر، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر.
قال البيهقي: هكذا رواه أبو خالد الأحمر، عن مجالد، وهو مما أخطأ فيه، وإنما رواه غيره عن مجالد عن الشعبي عن شريح من قوله وحكمه، غيرَ مرفوع. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (٢/ ٣٨): هذا إسناد ضعيف من أجل مجالد بن سعيد. وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (٤/ ١٩٨): في إسناده مجالد، وهو سيئ الحفظ.