للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وأما الصيام والحَلقُ) فيجزئه بكلِّ مكان؛ لقول ابن عباس: "الهَديُ والإطعَامُ بِمكَّةَ، والصوم حيثُ شَاءَ" (١). ولأنه لا يتعدى نفعه إلى أحد، فلا معنى لتخصيصه بمكان، بخلاف الهَدي والإطعام، ولعدم الدليل على التخصيص.

(و) أما (هَدي التطوُّع وما يسمى نُسُكًا فيجزئه بكل مكان، كأُضحية) ذكره في "الفروع". قال في "تصحيح الفروع": وفيه نظر؛ فإن هدي التطوُّع لأهل الحرم، وكذا ما كان نُسُكًا، فلعل أن يكون هنا نقص، ويدلُّ عليه قوله بعد ذلك: لعدم نفعه، ولا معنى لتخصيصه بمكان. وهذا التعليل ينافي هَدي التطوع، وما يُسمَّى نسُكًا، فإن فيهما نفعًا لمساكين الحرم.

(وكل دم ذُكر) ولم يقيد (يجزئ فيه شاة كأضحية، فيجزئ الجَذَع من الضأن، والثنيُّ من المَعز، أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة) لقوله تعالى في المتمتع: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٢) قال ابن عباس: "شَاة أو شِركٌ في دَم" (٣)، وقوله في فدية الأذى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} (٤)، وفسره - صلى الله عليه وسلم - في حديث كعب بن عُجرة "بِذَبح شاة" (٥) وما سوى هذين مقيس عليهما.

(وإن ذَبحَ بدنة أو بقرة فهو أفضل، وتكون كلها واجبة) لأنه اختار الأعلى لأداء فَرضه، فكان كله واجبًا، كما لو اختار الأعلى من خصال الكفَّارة.


(١) تقدم تخريجه (٦/ ١٩٧) تعليق رقم (٣).
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٩٦.
(٣) أخرجه البخاري في الحج، باب ١٠٢، رقم ١٦٨٨.
(٤) سورة البقرة، الآية: ١٩٦.
(٥) تقدم تخريجه (٦/ ١٨٣) تعليق رقم (١).