للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَضاءً) ولا يملك به شيئًا مُحْدَثًا؛ قاله ابن حامد.

(وهو) أي: النذر (إلزامُ مُكلَّفٍ مختارٍ نفسَه لله تعالى بالقول شيئًا غير لازم بأصْلِ الشَّرع، بـ) ـقوله: (عليَّ لله، أو: نذرت لله، ونحوه) كـ: لله عليَّ كذا، أو نحوه مما يؤدّي معناه، فلا ينعقد من غير مُكلَّف، كالإقرار، ولا من المُكْرَه، ولا بغير قول، إلا من أخرس بإشارة مفهومة كيمينه. وفي نذر الواجب خلافٌ يأتي في كلامه (فلا تُعتبر له صيغة خاصَّة) بحيث لا ينعقد إلا بها، بل ينعقد بكل ما أدَّى معناه، كالبيع.

(ويصحُّ) النذر (من كافرٍ) ولو (بعبادة) لحديث عمر: "إني كنتُ نذرتُ في الجاهلية أن أعتكف ليلة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أوفِ بنذرك" (١).

(فإن نواه) أي: النذر (الناذرُ من غير قول، لم يصح كاليمين) لأنه التزام، فلم ينعقد بغير القول، كالنكاح والطلاق؛ قاله في "المبدع". ومقتضى تشبيهه بالطلاق صحته بالكتابة، ومقتضى تشبيهه بالنكاح عدم انعقاده بها، لكن النكاح أضيق؛ لأنه لا يصح إلا بلفظ مخصوص، بخلاف النذر.

(وينعقد) النذر (في واجب، كـ: لله عليَّ صومُ رمضان، ونحوه) قال في "المبدع": إنه ينعقد موجبًا لكفَّارة يمينٍ إن تركه، كما لو حلف: لا يفعله، ففعله، فإن النذر كاليمين. انتهى. وقال في "الاختيارات" (٢): ما وجب بالشرع إذا نذره العبد، أو عاهد الله عليه، أو بايع عليه الرسول، أو الإمام، أو تحالف عليه جماعة، فإن هذه العقود والمواثيق تقتضي له وجوبًا ثانيًا غير الوجوب الثابت بمجرد الأمر الأول، فيكون واجبًا من


(١) تقدم تخريجه (٥/ ٣٥٨) تعليق رقم (٤).
(٢) ص/ ٤٧٥.