للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يترك بذلك لُبْثا مستحقًّا، أشبه ما لو انهدم المسجد الأول، أو أخرجه منه سلطان، فخرج من ساعته إلى مسجد آخر، فأتمَّ اعتكافه فيه.

(وإن كان) المسجدُ الذي دخل إليه (أبعدَ) مِن محلِّ حاجته من الأول (أو خرج) المعتكف (إليه) أي: إلى المسجد الثاني (ابتداء بلا عُذْر، بَطَل أعتكافُه) لتركه لُبْثا مستحقًّا.

(فإن كان المسجدان متلاصِقين، بحيث يخرج مِن أحدهما فيصير في الآخر، فله الانتقالُ من أحدهما إلى الآخر) لأنهما كمسجد واحد انتقل مِن إحدى زاويتيه إلى الأخرى (وإن كان يمشي بينهما) أي: بين المسجدين (في غيرهما، لم يجز له الخروج، وإن قَرُب) ما بينهما، ويبطل اعتكافه بمشيه بينهما، لتركه اللُّبث المستحق إذن.

(وإن خَرَج لما لا بُدَّ منه خُروجًا معتادًا) يعني لعُذر معتاد (كحاجة الإنسان) أي: البول (١) والغائط (وطهارة مِن الحدث، والطعام والشراب، والجُمُعة، والحيض، والنِّفاس، فلا شيء فيه) أي: لا قضاء؛ لأن الخروج له كالمستثنى؛ لكونه معتادًا، ولا كفَّارة؛ إذ لو وجب فيه شيء لامتنع معظم الناس مِن الاعتكاف، بل هو باق على اعتكافه، ولم تنقص به مدتُه.

(وإن خَرَج لـ)ـعُذر (غير معتاد، كنفير، وشهادة واجبة، وخوف مِن فِتنة، ومرض ونحو ذلك) كقيء بَغَتَهُ، وغَسْل متنجس يحتاجه، وإطفاء حريق، ونحوه (ولم يتطاول، فهو على اعتكافه، ولا يقضي الوقتَ الفائت بذلك؛ لكونه يسيرًا) مباحا، أشبه حاجة الإنسان


(١) في "ح": "أي إلى البول".