للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضربان:

أحدهما: (أن يشتركا) أي: اثنان فأكثر (فيما يتقبلان بأبدانهما في ذممهما من العمل، فهي شركة صحيحة) روى أبو طالب (١): لا بأس أن يشترك القوم بأبدانهم، وليس لهم مال، مثل الصيادين، والبقَّالين، والحمَّالين، وقد أشرك النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين عَمَّار، وسعد، وابنِ مَسعودٍ، فجاءَ سعد بأسيرينِ، ولم يجِيئا بشيء. والحديث رواه أبو داود والأثرم (٢)، وكان ذلك في غزوة بدر، وكانت غنائمها لمن أخذها قبل أن يشرِّك الله تعالى بين الغانمين، ولهذا نقل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن أخذَ شيئًا فهو لَهُ" (٣) فكان ذلك من قبيل المباحات.

ولا يشترط لصحتها اتفاق الصنعة، فتصح (ولو مع اختلاف الصنائع) كاشتراك حدَّاد، ونجَّار، وخيَّاط؛ لأنهم اشتركوا في مكسب


(١) انظر: مسائل ابن هانئ (٢/ ٢١) رقم ١٢٦٠ - ١٢٦٢، والإرشاد ص / ٢١٦.
(٢) أبو داود في البيوع، باب ٣٠، حديث ٣٣٨٨، ولعل الأثرم رواه في سننه ولم تطبع. وأخرجه -أيضًا- النسائي في الأيمان، باب ٤٧، حديث ٣٩٤٧، وفي البيوع، باب ١٠٥، حديث ٤٧١١، وفي الكبرى (٣/ ١١٠، ١١٨)، و (٤/ ٦١) حديث ٤٦٧١، ٦٢٩٦، وابن ماجه في التجارات، باب ٦٣، حديث ٢٢٨٨، وابن أبي شيبة (٤/ ٣٨٧)، والدارقطني (٣/ ٣٤)، والبيهقي (٦/ ٧٩)، وابن عساكر في تاريخه (٢٠/ ٣٢١)، وابن الجوزي في التحقيق (٢/ ٢٠٧) حديث ١٥٤١، من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
وذكره ابن حزم في المحلى (٨/ ١٢٣) وقال: إن هذا خبر منقطع؛ لأن أبا عبيدة لا يذكر من أبيه شيئًا.
وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود (٥/ ٥٣): وهو منقطع، فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه شيئًا. وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (٣/ ٣٩): وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه.
(٣) تقدم تخريجه (٧/ ١٥٧) تعليق رقم (٣).