للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وكان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتزوج بلفظ الهبة، وتقدم (١)) ذلك (في الباب قبله) موضحًا.

(وإن تقدم القبول الإيجابَ كقوله: تزوجتُ ابنتكَ) فيقول الولي: زوَّجتُكها (أو: زوجني ابنتك) فيقول الولي: زوَّجتُكها (لم يصح، نصًا (٢)) لأن القَبول إنما يكون للإيجاب، فمتى وُجِدَ قبله لم يكن قَبولًا؛ لعدم معناه، فلم يصح، كما لو تقدم بلفظ الاستفهام؛ ولأنه لو تأخَّر عن الإيجاب بلفظ الطلب؛ لم يصح، فإذا تقدم كان أولى؛ كصيغة الاستفهام. ويفارق البيع؛ لأنه لا يشترط فيه صيغة الإيجاب، بل يصح بالمعاطاة، ولا يتعين فيه لفظ، بل يصح بأي لفظ كان، إذا أتى بالمعنى. ويفارق الخلع؛ لأنه يصح تعليقه على الشرط، إذا أتى بنية الطلاق.

(وإن تراخى) قبول (عنه) أي: عن الإيجاب (صح، ماداما في المجلس، ولم يتشاغلا بما يقطعه عُرفًا) ولو طال الفصل؛ لأن حكم المجلس حكم حالة العقد، بدليل صحة القبض فيما يشترط لصحته قبضه في المجلس، وبدليل ثبوت الخيار في عقود المعارضات.

(وإن تفرَّقا قبله) أي: قبل القَبول بعد الإيجاب (بطل الإيجاب) وكذا إن تشاغلا بما يقطعه عُرفًا؛ لأن ذلك إعراض عنه، أشبه ما لو رده.

(وإن اختلف لفظ الإيجاب والقَبول، فقال الولي: زوَّجتُك) بنتي، مثلًا (فقال المتزوج: قبلتُ هذا النكاح، أو بالعكس) بأن قال الولي: أنكحتُكَ بنتي، فقال الزوج: تزوجتُها، ونحوه (صح) العقد؛ لأن اللفظ وإن اختلف فالمعنى متحد.


(١) (١١/ ١٩٥).
(٢) المغني (٩/ ٤٦٢)، والإنصاف مع المقنع والشرح الكبير (٢٠/ ١٠٣).