للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الجهاد]

ختَم به العبادات؛ لأنه أفضل تطوُّع البَدَن، وهو مشروع بالإجماع (١)؛ لقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} (٢) إلى غير ذلك، ولفعله - صلى الله عليه وسلم -، وأمره به، وأخرج مسلم: "مَنْ ماتَ ولم يَغْزُ، ولم يُحدِّثْ نفسهُ بالغزو، ماتَ على شُعبة مِنَ النِّفاقِ" (٣).

(وهو) أي: الجهاد، مصدر جاهد جهادًا ومجاهدةً، من جَهَد، إذا بالغ في قَتْلِ عدوه.

فهو لغةً: بَذْل الطاقة والوِسع.

وشرعًا: (قتال الكفَّار) خاصة، بخلاف المسلمين من البُغاةِ وقُطَّاع الطريق، وغيرهم، فبينه وبين القتال عموم مطلق.

(وهو فَرْض كفاية؛ إذا قام به من يكفي، سقط وجوبُه عن غيرهم) وإن لم يَقُم به من يكفي، أثِم الناسُ كلهم، فالخطاب في ابتدائه يتناول الجميع، كفرض الأعيان، ثم يختلفان بأن فَرْض الكفاية يسقط بفعل البعض، وفروض الأعيان لا تسقط عن أحد بفعل غيره.

والدليل على أنه فَرْض كفاية: قوله تعالى: {فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} (٤) فهذا يدلُّ على أن القاعدين غير آثمين مع جهاد غيرهم.


(١) الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان (٣/ ١٠١٣) رقم ١٨٨٨.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢١٦.
(٣) مسلم في الإمارة، حديث ١٩١٠، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) سورة النساء، الآية: ٩٥.