للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} الآية (١).

ولأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث السرايا، ويُقيم هو وأصحابه.

وأما قوله تعالى: {إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} (٢) فقد قال ابن عباس: نَسَخَها قوله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً} رواه الأثرم وأبو داود (٣). ويحتمل أنه حين استنفرهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوة تبوك، وحينئذ يتعيَّن، كما يأتي؛ ولذلك هَجَر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كعبَ بنَ مالك وأصحابَه تخلَّفوا، حتى تاب اللهُ عليهم (٤).

(وسُنَّ في حقِّهم) أي: حقِّ غير الكافِيْنَ فيه (بتأكُّد) لحديث أبي داود عن أنس مرفوعًا: "ثلاثٌ من أصلِ الإيمان: الكَفُّ عمَّنْ قال: لا إلهَ إلا اللهُ، لا نُكَفِّرُه بذنبٍ، ولا نُخْرِجه من الإسلام بعملٍ، والجهادُ ماضٍ منذُ بَعَثَني اللهُ حتى يقاتِلَ آخرُ أمَّتي الدَّجَّالَ، لا يُبْطِلُه جَوْرُ جائرٍ، ولا عَدْلُ عادل، والإيمانُ بالأقدارِ" (٥).


(١) سورة التوبة، الآية: ١٢٢.
(٢) سورة التوبة، الآية: ٣٩.
(٣) لعل الأثرم رواه في سننه ولم تطبع، وأخرجه أبو داود في الجهاد، باب ١٨، حديث ٢٥٠٥. وأخرجه - أيضًا - أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ ص/ ٢٠٥ رقم (٣٨٥)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٦/ ١٧٩٨، ١٨٠٣، ١٩٠٩)، رقم ١٠٠٣٥، ١٠٠٦٢، ١٠١١٥، والطبراني في مسند الشاميين (٣/ ٣٢٦) رقم ٢٤١٣، والبيهقي (٩/ ٤٧). وحسَّنه الحافظ ابن حجر في الفتح (٦/ ٣٨)، وقال الشوكاني في نيل الأوطار (٧/ ٢٥١): سكت عنه أبو داود والمنذري، ورجال إسناده ثقات إلا علي بن الحسين بن واقد، وفيه مقال، وهو صدوق.
(٤) قصة توبة كعب بن مالك وصاحبيه أخرجها البخاري في المغازي، باب ٧٩، حديث ٤٤١٨، ومسلم في التوبة، حديث ٢٧٦٩، عن كعب بن مالك - رضي الله عنه -.
(٥) أخرجه أبو داود في الجهاد، باب ٣٥، حديث ٢٥٣٢. وأخرجه - أيضًا - سعيد بن منصور (٢/ ١٥٢) حديث ٢٢٦٧، وأبو يعلى (٧/ ٢٨٧) حديث ٤٣١١، ٤٣١٢، =