للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزكاة (منه من غير زيادة) عليها؛ لأن الصِّدِّيق مع الصحابة لما منعته العرب الزكاة لم ينقل أنه أخذ منهم زيادة عليها؛ ولأنه لا يزاد على أخذ الحقوق من الظالم كسائر الحقوق.

وأما حديث بَهْز بن حكيم، عن أبيه، عن جده مرفوعًا: "في كلِّ إبلٍ سائمةٍ في كلِّ أربعينَ ابنةُ لبونٍ، لا تُفرَّق إبلٌ عن حسابها، من أعْطاهَا مؤتجِرًا، فلهُ أجْرُها، ومنْ منَعَهَا فإنّا آخذُوها وشطرَ إبلِهِ، عَزْمة (١) من عزماتِ ربِّنَا، لا يحلُّ لآلِ محمدٍ منها شيءٌ". رواه أحمد والنسائي وأبو داود (٢). وقال: "شطر ماله" وهو ثابت إلى بهز، وقد وثقه الأكثر.

فجوابه: أنه كان في بدء الإسلام، حيث كانت العقوبات بالمال، ثم نسخ بقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث الصِّدِّيق: "ومن سُئِلَ فوقَ ذلك، فَلَا يُعْطه" (٣) ولأن منع الزكاة كان في خلافة الصِّدِّيق مع توفر الصحابة، ولم ينقل عن أحد منهم أخذ زيادة، ولا قول به.

(وإن لم يمكن أخذها) أي: الزكاة بالتغييب أو غيره (استُتِيبَ ثلاثة أيام وجوبًا) لأنّ الزكاة من مباني الإسلام فيُستتاب تاركها، كالصلاة (فإن تاب) و (أَخرج) كُفَّ عنه (وإلا) أي: وإن لم يُخرِج


(١) "بتقديم العين المهملة على الزاي، قال في "النهاية" [٣/ ٢٣٢]: أي: حق من حق الله، وواجب من واجباته تعالى" ش.
(٢) أحمد (٥/ ٢، ٤)، والنسائي في الزكاة، باب ٤، ٧، حديث ٢٤٤٣، ٢٤٤٨، وفي الكبرى (٢/ ٨، ١١) حديث ٢٢٢٤، ٢٢٢٩، وأبو داود في الزكاة، باب ٤، حديث ١٥٧٥. وقد تقدم تخريجه (٤/ ٣٤٣)، تعليق رقم (٣).
(٣) جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في الزكاة، باب ٣٨، حديث ١٤٥٤.