للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمستعير إنما حصل غراسه أو بناؤه في الأرض بإذن ربِّها، ولم يشترط عليه قلعه، فلم يلزمه؛ لدخول الضرر عليه بنقص قيمة ذلك؛ ولأن العارية عقد إرفاق ومعونة، وإلزامه بالقلع مجانًا يخرجه إلى حكم العدوان والضرر. قال المجد في "شرحه": ومتى أمكن القلع من غير نقص أُجبر عليه المُستعير.

(فإن قلعَ) المُستعير غراسه، أو بناءه باختياره (فعليه تسويةُ الأرضِ) من الحفر؛ لأنها حصلت بفعله لتخليص ماله، كالمستأجر (وإن أبي القَلْع في الحال التي لا يُجبر فيها) بأن كان عليه فيه ضَرَرٌ، ولم يُشترط عليه (فللمُعِير أخذُه بقيمته بغير رضا المُستعير، أو قَلعه وضمانُ نقصه) لأن في ذلك دفعًا لضرره وضرر المستعير، وجمعًا بين الحقَّين. ومؤنة القلع على المستعير، كالمستأجر.

ولو دفع المستعير قيمة الأرض ليتملَّكها، لم يكن له ذلك؛ لأنها


= عن أبيه، مرسلًا، كما ذكرته عن سنن أبي داود، ولعل هذا هو السِّر في عدم جزم البخاري به.
وقال في تغليق التعليق (٣/ ٣١٠): "فإن قيل: لِمَ مرَّضه البخاري، وصحَّحه الترمذي؟ قلت: الترمذي اتَّبع ظاهر إسناده، وأما البخاري فإنه عنده معلَّل؛ للاختلاف فيه على هشام في إسناده ولفظ متنه، أما اختلاف اللفظ فقد مضى، وأما اختلاف الإسناد فرواه يحيى بن سعيد القطان -وهو من الحفظ-، وأبو ضمرة أنس بن عياض المدني، وأبو معاوية، كلهم عن هشام، عن ابن رافع، عن جابر. ورواه عبد الله بن إدريس وغيره، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا. وكذا رواه يحيى بن عروة، عن أبيه. ورواه أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة. وفيه اختلاف غير هذا، فلهذا لم يجزم به، والله أعلم، وإن كان ظاهر الإسناد الصحة، فقد قدّمنا أنه ربما مرَّض أحاديث صحيحة الإسناد لعِلَلٍ فيها".