(وإن جرحهم الخصمُ، لم يقبل) الحاكم (منه) التجريح بمجرَّده (ويُكَلَّف البينةَ بالجرحِ) ليتحقَّق صدقه، أو كذبه.
(فإن سأل) المُجرِّح (الإنظارَ) ليقيم البينة (أُنظر ثلاثًا) لأن تكليفه إقامتها في أقل من ذلك يشقُّ ويعسر، فإن أقام المُدَّعَى عليه بينة أنهما شهدا بذلك عند قاض، ورُدَّت شهادتهما لفِسقِهما، بَطَلت شهادتهما؛ لأن الشهادة المردودة لفِسق لا تُقبل بعد (وكذا لو أراد) المُدَّعَى عليه (جَرحَهم) أي: الشهود، فَيُنْظر لذلك ثلاثًا (وللمُدَّعِي ملازمته) لأن حقّه قد توجَّه عليه، والمُدَّعَى عليه يدَّعي ما يُسقطه، والأصل عدمه.
(فإن لم يأتِ) المُدَّعَى عليه (ببينة) بالجرح (حكم عليه) لأن الحق قد وضح على وجه لا إشكال فيه.
(ولا يُسمع الجرحُ إلا مفسَّرًا بما يقدح في العدالة، عن رؤية، فيقول) الشاهد بالجرح: (أشهدُ أني رأيتُه يشرب الخمرَ، أو: يظلمُ الناسَ بأخذ أموالهم، أو: ضربهم، أو: يعامل بالرِّبا، أو) عن سماع منه، بأن يقول:(سمعتُه يقذف، أو عن استفاضة) لأن الناس يختلفون في أسباب الجرح،
= محمد بن خليد عن خلف بن خليفة عن مسعر، كلاهما - أبو حنيفة ومسعر -، عن محارب بن دثار، به مختصرًا بلفظ: "شاهد الزور لا تزول قدماه حتى تجب له النار". قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي. وقال ابن أبي حاتم في العلل (٢/ ٣٥٥ - ٣٥٦): هذا حديث منكر، ومحمد بن الفرات ضعيف الحديث. وقال البيهقي: محمد بن الفرات الكوفي ضعيف. وقال ابن الجوزي: لا يثبت. أما الطريق الأول والثاني، فقال يحيى: محمد بن الفرات ليس بشيء. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: هو كذاب. وقال أبو داود: روى عن محارب بن دثار أحاديث موضوعة. وقال ابن حبان: لا يحل الاحتجاج به. وأما الطريق الثالث، ففيه محمد بن خليد، قال ابن حبان: يقلب الأخبار، ويسند الموقوف، لا يحل الاحتجاج به إذا انفرد.