للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب جامع الأيمان]

(يُرجع فيها) أي: الأيمان (إلى نِيَّة حالفٍ، إن كان) الحالفُ (غيرَ ظالمٍ) بها (و) كان (لفظُه يحتمِلها) أي: النيةَ، فتتعلَّق يمينُهُ بما نواه دون ما لفَظَ به؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإنما لكلِّ امرئ" (١)؛ ولأن كلام الشارع يُصرف إلى ما دَلَّ الدليلُ على أنه أراده دون ظاهر اللفظ، فكلام المُتكلِّم مع اطلاعه على إرادته أَوْلى.

(ويُقبل) منه (حُكمًا) أنه أراد ذلك (مع قُرْبِ الاحتمال من الظَّاهر وتوسُّطه) لأنه لا يُخالِف الظَّاهر. و (لا) يُقبل منه (مع بُعدِه) أي: الاحتمال؛ لمخالفته للظَّاهر (فتُقدَّم نيته) أي الحالف (على عموم لَفْظِهِ وعلى السبب) الذي هيَّج اليمين؛ لما تقدَّم (سواءٌ كان ما نواه) الحالف (موافقًا لظاهرِ اللفظ أو مخالفًا له.

فالموافقُ) من نيته (للظاهر) من لفظه (أن ينويَ باللفظ موضوعه الأصلي، مثل أن ينويَ باللفظ العامِّ العمومَ، و) ينويَ (بالمطلقِ الإطلاقَ، و) ينويَ (بسائر الألفاظ ما يتبادر إلى الأفهام منها.

والمُخالِفُ) من النية لظاهر اللفظ (يتنوَّع أنواعًا، منها: أن ينويَ بالعامِّ الخاصَّ، مثل أن يحلِف لا يأكل لحمًا، ولا فاكهة، ويُريد) باللحم (لحمًا بعينه، و) بالفاكهة (فاكهةً بعينها) ونظيره: {الَّذِينَ قَال لَهُمُ النَّاسُ (٢) إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا (٣) لَكُمْ} (٤).


(١) تقدم تخريجه (١/ ١٩٣) تعليق رقم (٢).
(٢) "المراد به: أبو نعيم". ش.
(٣) "المراد بالجامع: أبو سفيان". ش.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١٧٣.