للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول (لم يملكها) الثاني؛ لأن ولاية التعريف للأول، وهو معلوم، فأشبه ما لو غصبها من الملتقط غاصب فعرَّفها. والوجه الثاني: يملكها؛ لأن سبب الملك وُجِدَ منه، والأول لم يملكها، قدَّمه ابن رَزين في "شرحه"، وقطع به في "التنقيح"، وتبعه في "المنتهى"، لكن توهم في "شرحه" أن الأول هو الذي يملكها؛ وهو مخالف لكلام الأصحاب؛ لأنهم إنما حكوا الوجهين في ملك الثاني لها، وأما الأول فلم يوجد منه تعريف، لا بنفسه، ولا بنائبه، والتعريف هو سبب الملك، والحكم ينتفي لانتفاء سببه.

(وليس خوفه) أي: الملتقِط (أن يأخذها) أي: اللُّقطة (سلطان جائر) عُذرًا في ترك تعريفها (أو) خوفه أن (يطالبه بأكثر عذرًا في ترك تعريفها) قال في "الفروع": (فإن أخَّره) أي: التعريف، لذلك الخوف (لم يملكها إلا بعده) أي: التعريف؛ ذكره أبو الخطاب، وابن الزاغوني. ومرادهم - والله أعلم - أنه ليس عذرًا حتى يملكها بلا تعريف، ولهذا ذكروا أنه يملكها بعده، وقد ذكروا أن خوفه على نفسه، أو ماله، عُذر في ترك الواجب. وقال أبو الوفاء: "تبقى بيده، فإذا وجد أمنًا، عرَّفها حولًا". انتهى. فيؤخذ من هذا: أن تأخير التعريف للعذر لا يؤثر، وتقدم أن فيه وجهين، وأن كلام المصنف أنه لا يملكها بعده، فيتعارض كلامه، إلا أن يقال: هذا متأخّر عما تقدَّم، فكأنه رجع إلى هذا.

(وإذا عرَّفها) أي: عرَّف المُلتقِط اللُّقطةَ الجائز التقاطُها، حولًا كاملًا، فورًا (فلم تُعْرَف، دخلت) اللُّقطة (في ملكه) أي: المُلتقِط، غنيًّا كان أو فقيرًا (بعد الحول) لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث زيد بن خالد: "فَإنْ لم