للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المُخابرةِ" (١)؛ لأنه لا يجوز حَمْلُ حديث رافع على ما يُخالف الإجماع؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يزل يُعامِل أهل خيبر حتى مات، ثم عَمِل به الخلفاء بعده، ثم من بعدهم، فكيف يتصور نهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، بل هو محمولٌ على ما روى البخاري عنه قال: "كُنَّا نكْرِي الأرضَ بالنَّاحية مِنها تُسَمَّى لسيِّدِ الأرضِ، فرُبَّما يُصابُ ذلكَ وتَسْلَمُ الأرضُ، ورُبَّما تُصابُ الأرضُ ويَسْلَمُ ذلك، فنُهينا, فأمَّا الذَّهَبُ والوَرِقُ فلم يكن يومئذٍ" (٢). وروي تفسيره - أيضًا - بشيء غير هذا من أنواع الفساد، وهو مضطرب أيضًا (٣)، قال الإمام (٤): رافع يُروى عنه في هذا ضروب. كأنه يريد: أن اختلاف الروايات عنه يوهن حديثه (٥).


(١) لم نقف على من رواه بهذا السياق، وقد ورد معناه من طُرق، منها:
ما رواه مسلم في البيوع، حديث ١٥٤٧ (١٠٦) عن عمرو، قال: سمعت ابن عمر - رضي الله عنهما - يقول: كُنَّا لا نرى بالخبر بأسًا، حتى كان عام أول، فزعم رافع أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنه.
ومنها ما رواه البخاري في المزارعة، باب ١٨، حديث ٢٣٤٥، ومسلم في البيوع، حديث ١٥٤٧ (١٠٩) - والسياق له - عن نافع، أن ابن عمر - رضي الله عنهما - كان يكري مزارعه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي إمارة أبي بكر، وعمر، وعثمان، وصدرًا من خلافة معاوية حتى بلغه في آخر خلافة معاوية، أن رافع بن خديج يحدث فيها بنهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدخل عليه، وأنا معه، فسأله فقال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن كراء المزارع فتركها ابن عمر بعد، وكان إذا سئل عنها بعد قال: زعم رافع بن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها.
(٢) البخاري في المزارعة، باب ٧، حديث ٢٣٢٧، وأخرجه مسلم في البيوع، حديث ١٥٤٧ (١١٦، ١١٧) بنحوه.
(٣) "أيضًا" ساقطة من "ح"، وفي "ذ": "جدًّا" بدل "أيضًا".
(٤) مسائل أبي داود ص/ ٢٠٠.
(٥) قال الإمام ابن القيم في تهذيب السنن (٥/ ٥٨ - ٥٩): وأما حديث رافع بن خديج فجوابه من وجوه: أحدها: أنه حديث في غاية الاضطراب والتلون، قال الإمام =