للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أنس "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أوْلَمَ على صفيَّة، قال الناسُ: لا ندري أجَعَلَها أمَّ المؤمنين، أو أمَّ ولدٍ؟ فقالوا: إن حجبها فهي أمُّ المؤمنين، وإن لم يحجُبها فهي أمُّ ولدٍ، فلما ركب وَطّأ لها خَلْفَهُ، ومَدَّ الحجاب بينه وبين النَّاس" متفق عليه (١).

وهذا يدل على أن عدمَ حجبِ الإماء كان مستفيضًا عندهم.

(وهو) أي: ما ذكره المصنف من أن حكم الأمَة غير المستامةِ كالمستامة (أصوبُ مما في "التنقيح") حيث قال: ومن أمَةٍ غيرِ مُسْتامةٍ إلى غيرِ عورةِ صلاة، وتبعه في "المنتهى"، قال في "شرحه": وما ذكره في "التنقيح" مخالفٌ للمعنى الذي أُبيح النظرُ من أجله، وقال: والذي يظهرُ التسويةُ بينهما.

(و) لرجل -أيضًا- نظرُ وَجْهٍ، ورقبةٍ، ويدٍ، وقدمٍ، ورأسٍ، وساقٍ (من ذوات محارمه) قال القاضي: على هذه الرواية يُباحُ ما يظهرُ غالبًا كالرأس واليدين إلى المرفقين (وهُنَّ: من تَحْرمُ عليه على التأبيد بنَسَب) كأخته، وعمَّته، وخالته (أو سببٍ مباحٍ) كأخته من رضاعٍ، وأمِّ زوجته، وربيبةٍ دخل بأمِّها، وحليلةِ أبٍ، أو ابنٍ (لحرمتها) احترازٌ عن الملاعَنة؛ لأن تحريمها تغليظٌ عليه (إلا نساءَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فلا) يُباحُ النظرُ إليهنَّ من غير المذكورين في قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ} (٢) الآية؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} (٣) (وتقدم)


= اكشفي عن رأسك، لا تَشَبَّهين بالحرائر.
(١) البخاري في المغازي، باب ٣٨، حديث ٤٢١٣، وفي النكاح، باب ١٢، ٦٠، حديث ٥٠٨٥، ٥١٥٩، ومسلم في النكاح حديث (٨٧).
(٢) سورة الأحزاب، الآية: ٥٥.
(٣) سورة الأحزاب، الآية: ٥٣.