للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

(ومن اضطر إِلَى مُحَرَّم مما ذكرنا حضرًا، أو سفرًا، سوى سَمٍّ ونحوه) مما يَضرُّ، واضطراره (بأن يخاف التلف إما من جوع، أو يخاف إن ترك الأكل عَجَزَ عن المشي وانقطع عن الرفقة، فيَهْلِك، أو يَعْجِز عن الركوب فَيَهْلِك، ولا يتقيد ذلك بزمن مخصوص) لاختلاف الأشخاصِ فِي ذلك (وجب عليه أن يأكل منه) أي: المُحَرَّم (ما يسُد رمَقَه) بفتح الميم والقاف، أي: بقية روحه (ويأمن معه الموت) لقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيهِ} (١)؛ وقوله: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} (٢).

(وليس له) أي: المضطر (الشِّبَعُ) من المُحَرَّم؛ لأن الآية دلَّت على تحريم الميتةِ، واستثنى ما اضطُر إليه، فإذا اندفعت الضرورةُ لم يحل الأكل، كحالةِ الابتداء (كما) يحرم ما (فوق الشِّبَع) إجماعًا، ذكره فِي "الشرح" و"المبدع" (وقال الموفَّق وتبعه جماعة: إن كانت الضرورةُ مستمرةٌ؛ جاز الشِّبَعُ، وإن كانت) الحاجة (مرجوة الزوال؛ فلا) يشبع؛ لعدم الحاجة.

(وله) أي: المضطر (أن يتزوَّد منه) أي: المُحرَّم (إن خاف الحاجةَ)


= أحد أكابر أصحاب القاضي أبي يعلى، خرج من بغداد واستوطن آمد، ودرَّس الفقه فيها إِلَى أن مات سنة (٤٦٧) هـ رحمه الله تعالى، أَلف كتاب عمدة الحاضر وكفاية المسافر، قال ابن رجب: هو كتاب جليل يشتمل على فوائد نفيسة، ولم يُطبع، انظر: طبقات الحنابلة (٢/ ٢٣٤)، وذيل طبقات الحنابلة (١/ ٨).
(١) سورة البقرة، الآية: ١٧٣.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٩٥.