للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلفظ الشهادة؛ لأن ذلك مما يطَّلع عليه الرِّجَال غالبًا، وليس بمال، ولا يقصد به المال، أشبه القصاص، وإنما تُرك ذلك في رمضان؛ احتياطًا للعبادة، وإنما جاز الفِطر بخبر واحد بغروب الشمس؛ لما يقارنه من أمارات تشهد بصدقه، لتميز وقت الغروب بنفسه، وعليه أمارات تورث غلبة الظَّن، فإذا انضمَّ إليها إخبار الثقة قويَ الظنُّ، وربما أفاد العلم، بخلاف هِلال الفطر، فإنه لا أمارة عليه. و - أيضًا - وقت الفطر ملازم لوقت صلاة المغرب، فإذا ثبت دخول وقت الصلاة بإخبار الثقة، ثبت دخول وقت الإفطار تبعًا له، ذكره في القاعدة الخمسين بعد المائة (١).

(وإذا صَاموا بشهادة اثنين ثلاثين يومًا، فلم يَروا الهِلال، أفطروا) في الغيم والصحو؛ لأن شهادة العدلين يثبت بها الفطر ابتداء، فتبعًا لثبوت الصوم أَولى؛ ولأن شهادتهما بالرؤية السابقة إثبات إخبار به عن يقين ومشاهدة، فكيف يقابلها الإخبار بنفي وعدم، ولا يقين معه؛ وذلك أنَّ الرؤية يحتمل حصولها بمكان آخر، ولحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "وإن شَهِدَ شَاهِدَان، فصُومُوا وأفطِرُوا". رواه النسائي (٢).


(١) بل في القاعدة التاسعة والخمسين بعد المائة ص/ ٣٦٨.
(٢) في الصيام، باب ٨، حديث ٢١١٥، وفي الكبرى (٢/ ٦٩) حديث ٢٤٢٦. وأخرجه - أيضًا - أحمد (٤/ ٣٢١)، والدارقطني (٢/ ١٦٧)، وابن عساكر في تاريخه (٣٤/ ٣٦٥)، والمزي في تهذيب الكمال (١٧/ ١٢٢) ولفظه: خطب عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب في اليوم الذي يشك فيه، فقال: ألا إني جالست أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسألتهم، وإنهم حدثوني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فذكره، وفيه: وإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا. زاد =