للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(و) يجوز (استئجار رجل ليلازم غريمًا يَستحقُّ ملازمته) لأن الظاهر أنه بحق، فإن الحاكم في الظاهر لا يحكم إلا بحق. لكن قال الإمام (١)، في رواية الفضل بن زياد: غير هذا أعجب إلي. قال في "المغني": كرهه؛ لأنه يؤول إلى الخصومة، وفيه تضييق على مسلم، ولا يأمن أن يكون ظالمًا فيساعده على ظلمه.

(ويجوز) الاستئجار (لحفر الآبار، والأنهار، والقُنِيِّ (٢)، ولابُدَّ من معرفة الأرض التي يحفر فيها) لأن الأرض تختلف بالصلابة وضدها (وإن قدَّره) أي: الحفر (بالعمل، فلابُدَّ من معرفة الموضع بالمشاهدة؛ لكونها) أي: الأرض (تختلف بالسهولة والصلابة، و) لابُدَّ أيضًا من (معرفة دَوْر البئر، وعمقها، وآلتها إن طواها) أي: بناها (و) لابُدَّ من معرفة (طول النهر، وعرضه، وعمقه) لأنه يختلف.

(وإن حَفر بئرًا) استؤجر لحفرها (فعليه شَيلُ ترابها منها) أي: البئر؛ لأنه لا يمكنه الحفر إلا به، فقد تضمنه العقد.

(فإن تهوَّر) فيها (تراب من جانبها، أو سقطت فيه)، أي: في المحفور، من بئر، أو نهر (بهيمة، أو نحو ذلك) فانهال بها تراب (لم يلزمه) أي: الأجير (شَيْلُه) أي: التراب (وكان) شَيلُهُ (على صاحب البئر) إن أراد تنظيفها؛ لأنه سقط فيها من ملكه، ولم يتضمن عقد الإجارة رفعه.

(وإن وَصَل) الأجيرُ في الحفر (إلى صخر، أو جَمَاد يمنع الحفر، لم يلزمه حفره؛ لأن ذلك) الصخر أو نحوه (مخالف لما شاهده من


(١) مسائل الفضل بن زياد كما في بدائع الفوائد (٤/ ٧٧)، وانظر: المغني (٨/ ٤١).
(٢) القُنيُّ: جمع قناة. انظر: لسان العرب (١٥/ ٢٠٣)، مادة (قنا).