للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وموته، حتى يقوم غيرُه مقامه. انتهى) لأن فيه ضررًا.

(ولا يبطل ما فرضه فارض في المستقبل) أي: لو قدَّر القاضي نفقة أو كسوة أو نحوهما، ثم مات أو عزل، لم يبطل فرضه في المستقبل بموته، ولا بعزله، ولا يجوز لأحد تغييره ما لم يتغير السبب؛ لأن فرضه حُكم، وأحكامُهُ لا تبطل بالموت ولا بالعزل.

(ولا ينعزل) القاضي (حيث صَحَّ عزلُه، قبل علمه بالعزل؛ فليس كوكيل) لأن الحقَّ في الولاية لله، وإن قلنا: هو وكيل، والنسخ في حقوق الله لا يثبت قبل العلم، كما قلنا على المشهور: إن نسخ الحكم لا يثبت في حَقِّ من لم يبلغه.

وفرَّقوا بينه وبين الوكيل؛ بأن أكثر ما في الوكيل ثبوتُ الضمان، وذلك لا يُنافي الجهلَ. بخلاف الحكم فإن فيه الإثم، وذلك ينافي الجهلَ، كذلك الأمر والنهي، وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد (١)؛ قاله في "الاختيارات" (٢).

(فإن كان المستنيبُ قاضيًا، فعزل نُوَّابه، أو زالت ولايته بموتٍ أو عزل، أو غيره، كما لو اختلَّ فيه بعض شروطه؛ انعزلوا) لأنهم نوابه، أشبهوا الوكيل. وهذا بخلاف عن ولاه الإمامُ قاضيًا، فإنه يتعلَّق به قضايا الناس، وأحكامهم عنده وعند نُوَّابه بالبلدان، فيشقّ ذلك على المسلمين.

قلت: وعلى هذا فَنُوَّاب الأمير: كالوالي والمحتسِب ونحوهما، ممن ولايته منه، ينعزلون بعزله.

(ومن عَزَل نفسه انعزل) قاضيًا كان أو غيره، وسواء كانت ولايته


(١) انظر: الاختيارات الفقهية ص/ ٤٨٧.
(٢) ص/ ٤٨٧.