للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب حد الزنى (١)

(وهو فعل الفاحشة في قُبُلٍ أو دُبُرٍ، وهو من الكبائر العظام) لقوله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (٢)؛ ولما روى ابن مسعود قال: "سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الذنبِ أعظَم؟ قال: أنْ تجعَل لله ندًّا وهُو خَلَقك، قال: ثم أيٌّ؟ قال: أن تَقْتُل ولَدَكَ مخافَة أن يَطعم مَعَك، قال: ثمَّ أيٌّ؟ قال: أن تُزاني حَلِيلَةَ جارِكَ" متفق عليه (٣).

وكان حدُّه في ابتداء الإسلام الحبسَ في البيت والأذى بالكلام؛ لقوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ. . .} الآية (٤)، ثم نسخ بما روى مسلم من حديث عبادة مرفوعًا: "خُذوا عني، خذوا عني، البِكر بالبكر جلدُ مائَةٍ وتَغْريبُ عامٍ، والثيِّب بالثيِّب جَلدُ مائةٍ والرَّجْمُ" (٥) ونَسْخُ القرآن بالسنة جائزٌ؛ لأن الكل من عند الله وإن اختلف طريقه، ومن منع ذلك قال: ليس هذا نسخًا، إنما هو تفسير وتبيين له. ويمكن أن يقال: نَسْخه حصل بالقرآن، فإن الجلد في كتاب الله تعالى، والرجم كان فيه، فَنُسخ رَسْمُهُ وبقي حكمُه؛ قاله في "المغني" و"الشرح".


(١) "بالقصر في لغة الحجاز، والمد عند تميم". ش.
(٢) سورة الإسراء، الآية: ٣٢.
(٣) البخاري في تفسير سورة البقرة، باب ٣، حديث ٤٤٧٧، وتفسير سورة الفرقان، باب ١، حديث ٤٧٦١، وفي الأدب، باب ٢٠، حديث ٦٠٠١، وفي الحدود، باب ٢٠، حديث ٦٨١١، وفي الديات، باب ١، حديث ٦٨٦١، وفي التوحيد، باب ٤٠، ٤٦، حديث ٧٥٢٠، ٧٥٣٢، ومسلم في الإيمان، حديث ٨٦.
(٤) سورة النساء، الآية: ١٥.
(٥) مسلم في الحدود، حديث ١٦٩٠، ولفظه: خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر … الحديث.