للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن أن تدعهُمْ عالةً" (١)، قال: "ولأن إعطاء القريب المُحتاج، خير من إعطائه الأجنبي، فمتى لم يبلغ الميراث غناهم، كان تركه لهم، كعطيتهم إياه، فيكون ذلك أفضل من الوصية به لغيرهم"، فعلى هذا يختلف الحال باختلاف الورثة في كثرتهم وقلتهم، وغناهم وفقرهم.

(ومن لا وارث له بفرض، أو عَصَبةٍ، أو رَحِمٍ، تجوز وصيَّتُهُ بكُلِّ ماله) رُوي عن ابن مسعود (٢)؛ لأن مَنْعَ مجاوزة الثلث ثبت لحق الورثة، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّك أنْ تَدَع ورثَتَك أغنياءَ خيرٌ من أن تدعَهُم عالةً" (١)، فحيث لا وارث ينتفي المنع لانتفاء علته.

(فلو مات وترك زوجًا، أو زوجة لا غير، و) كان قد (أوْصَى بجميع ماله) لزيد، أو الفقراء (ورَدَّ) الوصية أحد الزوجين (بطلَتِ) الوصية (في قَدْرِ فَرضه مِنَ الثُّلثينِ).

فإن كان الرادُّ زوجًا، بطلت في الثلث؛ لأن له نصف الثلثين، وإن كان زوجة، بطلت في السدس؛ لأن لها ربع الثلثين (فيأخذ الموصَى له الثلث) لأنه لا يتوقَّف على إجازة (ثم يأخذ أحد الزوجين فرضه من


(١) تقدم تخريجه (١٠/ ٣١) تعليق رقم (٢).
(٢) أخرجه محمد بن الحسن الشيباني في الحجة (٤/ ٢٤٣)، وعبد الرزاق (٩/ ٦٨) رقم ١٦٣٧١، وسعيد بن منصور (١/ ٨١ - ٨٢) رقم ٢١٥ - ٢١٨، وابن أبي شيبة (١١/ ١٩٦)، والطحاوي (٤/ ٤٠٣)، والطبراني في الكبير (٩/ ٣٤٧) رقم ٩٧٢٣، عن عمرو بن شرحبيل قال: قال لي عبد الله بن مسعود: إنكم من أحرى حيّ بالكوفة أن يموت أحدكم ولا يدع عصبة، فما يمنعه إذا كان كذلك أن يضع ماله في الفقراء والمساكين. وفي رواية: فليضع الرجل ماله حيث شاء.
صححه ابن حزم في المحلى (٩/ ٣١٧).
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (٤/ ٢١٢): رجاله رجال الصحيح.