للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: ما رضيتُ) به (ثم قال: رضيتُ) به (طَلَقت -أيضًا-) لأنه علَّقه على رضًا مُستَقبلٍ، وقد وُجِدَ.

(بخلاف) قوله: (إن كان أبوك راضيًا) بما فعلتِه فأنت طالق، فقال: ما رضيتُ، ثم قال: رضيتُ؛ فلا تطلق (لأنه) أي: المعلَّق عليه (ماض) وهذا الذي صدر منه مستقبل، فلم يوجد المُعلَّق عليه.

(وإن قال: إن كنتِ تحبيِّن أن يعذِّبكِ الله بالنار) فأنتِ طالق (أو قال: إن كنتِ تحبينه) أي: أن يعذبك الله بالنار (بقلبكِ، فأنتِ طالق، ققالت: أنا أحبه؛ لم تطلق إن قالت: كذبتُ) لاستحالته في العادة، كقوله: إن كنت تعتقدين أن الجَمَل يدخل في خُرم الإبرة فأنتِ طالق، فقالت: أنا أعتقده، فإن عاقلًا لا يُجوِّزه، فضلًا عن اعتقاده.

(وكذا) لو قال: (إن كنتِ تبغضين الجنة أو الحياة، ونحوه) فقالت: أبغض ذلك؛ لم تطلق إن قالت: كذبتُ، فإن لم تقل: كذبتُ؛ فقال القاضي: تطلق. وقدَّمه في "الرعاية"، وجزم به في "الوجيز". وفي "الفنون": هو مذهبنا؛ لأن ما في القلب لا يوقف عليه إلا من اللفظ، فاقتضى تعليق الحكم بلفظها به، صادقة أو كاذبة، كالمشيئة.

وقال في "المقنع": الأولى ألا تطلق إذا كانت كاذبة، وقال في "المبدع": "وهو المذهب وقاله أبو ثور (١)؛ لأن المحبة في القلب، ولا يوجد من أحد محبةُ ذلك، وخبرها بالمحبة كاذب لا يُلتفت إليه".

(وإن قال: إن كنتِ تُحبين) زيدًا (أو): إن كنتِ (تبغضين زيدًا، فأنتِ طالق. فأخبرته به؛ طَلَقت؛ وإن كذبت) (٢) لما تقدم.


(١) انظر: الإشراف لابن المنذر (٤/ ٢٠٧ - ٢٠٨).
(٢) في "ح" زيادة: "لم تطلق".