للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البيعِ، أو الهبة، أو العتق (وأقام) بذلك (بينةً، قُبلت) لإمكان ذلك، فإن لم تكن بينة؛ لم يُقبل قوله؛ لأنه خلافٌ الأصلِ والظاهر (إلا أن يكون) البائع ونحوه (قد أقرَّ أنه ملكه، أو قال: قبضتُ ثمنَ ملكي ونحوه، فلا تُقبل البينة) لأنها تشهد بخلاف ما أقرَّ به، فهو مكذِّب لها.

وذكر الشيخ تقي الدين (١): فيما إذا ادَّعى بعد البيع أنه كان وقفًا عليه، فهر بمنزلة أن يدَّعي أنه قد ملكه الآن.

(ولا يُقبل رجوعُ المُقِرّ عن إقراره) لتعلُّق حَقِّ المُقَرّ له بالمُقِرِّ به (إلا فيما كان حدًّا لله) تعالى، فَيُقبل رجوعه عنه، كما تقدم في مواضعه (٢)؛ لأن الحَدَّ يُدرأ بالشُّبهة.

(فأما حقوق الآدميين، وحقوق الله التي لا تُدرأ بالشُّبهات، كالزكاة والكفَّارات، فلا يُقبل رجوعه) أي: المُقِر (عنها) أي: عن الإقرار بها.

(وإن أقرَّ لرجُلٍ بعبدٍ أو غيره، ثم جاءه به، فقال: هذا الذي أقررتُ لك به، فقال: بل هو غيره، لم يلزمه تسليمه إلى المُقَر له) لأنه لا يدَّعيه (ويحلف المُقِر أنه ليس له عنده عبدٌ سواه) لأنه مُنكِر، والأصلُ براءته.

(فإن رجع المُقَرُّ له، فادَّعاه، لزمه دفعه إليه) لأنه لا منازعَ له؛ ذكره في "الشرح" و"المبدع" وغيرهما. لكن تقدم آخر كتاب الإقرار (٣): أنَّ الإقرار يبطل بتكذيب المُقَرِّ له، فَيُحرَّر الفرق (٤).


(١) انظر: النكت والفوائد السنية (٢/ ٤٥٠).
(٢) (١٤/ ٢٧٤ - ٢٨، ١٠٢، ١٦٥).
(٣) (١٥/ ٣٨٥).
(٤) في حاشية نسخة الشيخ حمود التويجري رحمه الله (٤/ ٣١٩) ما نصه: "الفرق واضح بأن ما هنا المُقَرُّ له ليس مكذِّبًا للمُقِرِّ، بل يدعي غير المُقَر به فإن رجع المُقَرُّ له فادَّعاه لزمه دفعُه؛ لأنه لا منازع له، بخلاف ما في كتاب الإقرار، فإن المُقَرَّ له غير =