للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إيداع، والمفرِّط متسبب بترك ما وجب عليه من حفظها.

(فإن عزل) الوديع (نفسه فـ)ــقد انعزل؛ لأنها جائزة، أشبه ما لو عزله ربها، و(هي) أي: الوديعة (بعده) أي: بعد عزله نفسه (أمانة، حكمها) ما دامت (في يده حكم الثوب الذي أطارته الريح إلى داره) لأنه لم يتعدَّ بوضع يده عليها، وإذن ربها له في حفظها بطل بعزله نفسه (يجب) عليه (ردُّه) إلى ربه فورًا مع التمكن؛ لعدم إذن ربه في بقائه بيده.

(فإن تلف) المال المودَع عند الوديع بعد عزله نفسه، أو الثوب الذي أطارته الريح إلى داره (قبل التمكُّن من ردِّه، فهدر) لا ضمان فيه، وفهم منه: أنه إن تلف بعد تمكنه من ردِّه أنه يضمنه؛ لأنه متعدٍّ بإمساكه فوق ما يتمكن فيه من الرد.

(وإن تلفت) الوديعة (ولو لم يذهب) أي: يتلف (معها شيء من ماله) أي: الوديع (لم يضمن) الوديع الوديعة؛ لعموم ما سبق، - وما روى سعيد: حدثنا هشيم، أخبرنا حميد الطويل، عن أنس أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه "ضَمَّنَهُ وديعةً ذهبَتْ مِنْ بينِ مالِهِ" (١) محمول على التفريط من أنس في حفظها، فلا منافاة - (إلا أن يتعدَّى) الوديع (أو يفرِّط في حفظها) أي: الوديعة فتتلف، فيضمنها؛ لما تقدم.

(وإن شرط) رَبُّ الوديعة (عليه) أي: الوديع (ضمانها) أي:


(١) لم نقف عليه في مظانه فيما طُبع من سنن سعيد بن منصور. وأخرجه - أيضًا - البيهقي (٦/ ٢٩٠) من طريق يحيى، عن حميد الطويل، عن أنس - رضي الله عنه -, وصححه ابن حزم في المحلى (٨/ ٢٧٧).
وأخرجه - أيضًا - عبد الرزاق (٨/ ١٨٢)، رقم ١٤٧٩٩، وابن أبي شيبة (٦/ ٤٠١)، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (١/ ٥١٠) رقم ١٠٠٧، والبيهقي (٦/ ٢٩٠)، كلهم من طرق عن أنس - رضي الله عنه -.