للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابن عمر (١)، ولم يُعرف لهم مخالف في الصحابة؛ ولأن قَلْعَ عين الأعور يتضمَّن إذهاب البصر كله، فوجبت الدية، كما لو أذهبه من العينين، وذلك لأنه يحصُل بعين الأعور ما يحصُل بالعينين فإنه يرى الأشياء البعيدة ويُدْرِك الأشياء اللطيفة ويعمل أعمال البصير؛ ولأن النقص الحاصل لم يؤَثر في تنقيص أحكامه.

(فإن قلعها) أي: عينَ الأعور (صحيحٌ، فله) أي: الأعورِ (القَوَد بشرطه) وهو: المكافأة، والعمد المحض (مع أخذ نصف الدية)؛ لأنه لما ذهب بقلع عين الأعور جميعُ بصرِه، ولم يمكن إذهاب بَصَرِ القالع بقلع عينه الأخرى، لما فيه من أخذ عينين بعين واحدة، فأخذنا عينه الواحدة بنظيرتها، وأخذنا نصف الدية لنصف البصر الذي لا يمكنه استيفاؤه.

(وإن قَلَع الأعورُ عينَ صحيحٍ لا تُماثِل عينه) فليس عليه إلا نصف الدية (أو قَلَع) الأعورُ (المماثلةَ خطأً، فليس عليه إلَّا نصف الدية) كما لو قلعها ذو عينين.

(وإن قَلَع) الأعورُ (العينَ المماثلةَ لعينه الصحيحةِ عمدًا، فلا قِصاص) لأنه يُفضي إلى استيفاء جميع بَصَرِ الأعور، وهو إنما أذْهبَ بعضَ بصرٍ الصحيحِ، فيكون المستوفى أكثر من جنايته (وعليه) أي: الأعور إذَنْ (دية كاملة) في قول عمر (٢) وعثمان (٣) -ولا يُعرف لهما مخالف في الصحابة- بدلًا عن القصاص الذى أُسقط عنه رفقًا به، ولو اقتص منه لذهب ما لو ذهب بالجناية لوجبتْ فيه دية كاملة، فوجبت


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٩/ ١٩٧).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٩/ ٣٣٣) رقم ١٧٤٤٠.
(٣) أخرجه عبد الرزاق (٩/ ٣٣٣) رقم ١٧٤٣٨، ١٧٤٤٠، وابن حزم في مختصر الإيصال الملحق بالمحلى (١٠/ ٤١٨ - ٤١٩)، والبيهقي (٨/ ٩٤).