للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

(ولا يعفى عن يسير نجاسة ولو لم يدركها الطرف) أي: البصر (كالذي يعلق بأرجل ذباب، ونحوه) لعموم قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} (١) وقول ابن عمر: "أمرنَا أن نغسِل الأنجَاسَ سبعًا" (٢) وغير ذلك من الأدلة (إلا يسير دم، وما تولد منه) أي: من الدم (من قيح، وغيره) كصديد (وماء قروح) فيعفى عن ذلك (في غير مائع، ومطعوم) أي: يعفى عنه في الصلاة، لأن الإنسان غالبًا لا يسلم منه، وهو قول جماعة من الصحابة، والتابعين، فمن بعدهم، ولأنه يشق التحرز منه، فعفي عن يسيره، كأثر الاستجمار، وأما المائع، والمطعوم فلا يعفى فيه عن شيء من ذلك.

(وقدره) أي: قدر اليسير المعفو عنه هو (الذي لم ينقض) الوضوء أي: ما لا يفحش في النفس، والمعفو عنه من القيح، ونحوه أكثر مما يعفى عن مثله من الدم، وإنما يعفى عن ذلك إذا كان (من حيوان طاهر من آدمي) سواء المصلي، وغيره (من غير سبيل) فإن كان من سبيل لم يعف عنه؛ لأنه في حكم البول، أو الغائط (حتى دم حيض، ونفاس، واستحاضة) لقول عائشة: "ما كانَ لإحدانَا إلا ثوبٌ تحيضُ فيهِ، فإذا أصابَه شيءٌ من دمٍ قالتْ بريقِهَا، فقصعتْهُ بظفرهَا" (٣) أي: حركته وفركته، قاله في "النهاية" (٤).

(أو من غير آدمي) سواء كان من حيوان (مأكول اللحم) كإبل، وبقر (أو


(١) سورة المدثر، الآية: ٤.
(٢) تقدم تخريجه ص/ ٤٣٠ تعليق رقم ١.
(٣) رواه البخاري في الحيض، باب ١١، حديث ٣١٢.
(٤) (٤/ ٧٣) ولفظه: "أي مضغته ودلكته بظفرها".