للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإن تصرَّف الأبُ فيه) أي: فيما وهبه لولده (بعد قبض الابن) لم يكن رجوعًا بغير قول (أو وطئ) الأبُ (الجاريةَ) التي وهبها لولده، وأقبضها له (ولو نوى) الأب (به) أي: بالتصرف أو الوطء (الرجوع، لم يكن) ذلك (رجوعًا بغير قول) لأن ملك الموهوب له ثابت يقينًا، فلا يزول إلا بيقين، وهو صريح القول.

(وإن سأل) زوجٌ (امرأته هِبةَ مَهرِها، فوهبتْهُ) له، ثم ضَرَّها، فلها الرجوع (أو قال) زوج لزوجته: (أنت طالق إن لم تُبْرِئِيني، فأبرأته) من مهرها (ثم ضَرَّها بطلاق أو غيره، فلها الرجوع) فيما وهبته من المهر أو أبرأته منه؛ لأن شاهد الحال يدلُّ على أنها لم تطب به نفسًا، وإنما أباحه الله عن طيب نفسها بقوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (١) وغير الصَّداق كالصَّداق؛ قاله في "شرح المنتهى". ويؤيده: قول عمر: "إنَّ النساءَ يعطين أزواجهن رغبة ورهبة، فأيما امرأة أعطت زوجها شيئًا، ثم أرادت أن تعتصره فهي أحق به" رواه الأثرم (٢)، وقال الحارثي: المشهور عنه - أي: عن الإمام - أن لا رجوع لواحد من الزوجين فيما وهب للآخر، إلا أن تهب المرأة مهرها لسؤال منه ونحو ذلك، فترجع (٣).


(١) سورة النساء، الآية: ٤.
(٢) لعله في سننه ولم تطبع. وأخرجه - أيضًا - عبد الرزاق (٩/ ١١٥) رقم ١٦٥٦٢، وابن أبي شيبة (٦/ ١٩١) من طريق أبي إسحاق الشيباني، عن محمد بن عبيد الله الثقفي، عن عمر - رضي الله عنه -.
قال ابن حجر في فتح الباري (٥/ ٢١٧): أخرجه عبد الرزاق بسند منقطع. وذكره ابن حزم في المحلى (٩/ ١٣٣) معلقًا عن محمد بن عبيد الله الثقفي، عن شريح، عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال في المرأة وزوجها: ترجع فيما أعطته، ولا يرجع فيما أعطاها. وصححه.
(٣) مسائل عبد الله (٣/ ١١٤٨) رقم ١٥٧٩، ومسائل صالح (١/ ٤٦٣) رقم ٤٧٩، =