للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطلاق (نصًّا (١)) لأنه إذا ذكر الطلاق وعلم به؛ دَلَّ ذلك على أنه كان عاقلًا حال صدوره منه، فلزمه. قال الموفق: وهذا -والله أعلم- في من جنونه بذهاب معرفته بالكلية، وبطلان حواسِّه، فأما من كان جنونه لنشافٍ أو كان مُبرسَمًا؛ فإنَّ ذلك يُسْقِط حكمَ تصرُّفه، مع أنَّ معرفته غير ذاهبة بالكلية، فلا يضرُّه ذِكْره للطلاق إن شاء الله تعالى.

(ويقع طلاق مَن زال عقلُهُ بسُكْرٍ ونحوه) كمن شرب ما يُزيل العقل عالمًا به (محرَّم) بأن يكون مختارًا عالمًا به (ولو خلط في كلامه وقراءته، أو سقط تمييزه بين الأعيان؛ فلا يَعرف متاعه من متاع غيره، أو لم يعرف السماء من الأرض، ولا الذَّكر من الأنثى.

ويؤاخذ) السكران ونحوه (بأقواله وأفعاله، وكلِّ فعل يُعتبر له العقل؛ من: قتل، وقذف، وزنًى، وسرقة، وظِهار، وإيلاء، وبيع، وشراء، ورِدَّةٍ، وإسلامٍ، ونحوه) كوقف، وعارية، وغصب، وقبض أمانة؛ لأن الصحابة جعلوه كالصاحي في الحدِّ بالقذف (٢)؛ ولأنه فرَّط


(١) المغني (١٠/ ٣٤٦)، والفروع (٥/ ٣٦٤).
(٢) أخرج الطحاوي (٣/ ١٥٣ - ١٥٤)، والدارقطني (٣/ ١٥٧)، والحاكم (٤/ ٣٧٥)، والبيهقي (٨/ ٣٢٠)، من حديث ابن وبرة الكلبي قال: أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر رضي الله عنه فأتيته ومعه عثمان بن عفان وعبدالرحمن بن عوف وعلي وطلحة والزبير رضي الله عنهم وهم معه متكئون في المسجد. فقلت: إن خالد بن الوليد أرسلني إليك وهو يقرأ عليك السلام ويقول: إن الناس قد انهمكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة فيه، فقال عمر رضي الله عنه: هم هولاء عندك فاسألهم. فقال علي رضي الله عنه: نراه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، وعلى المفتري ثمانون. قال: فقال عمر رضي الله عنه: أبلغ صاحبك ما قال.
أخرجه مالك في الموطأ (٢/ ٨٤٢)، والشافعي في مسنده (ترتيبه (٢/ ٩٠)، عن ثور بن زيد الديلي مختصرًا.
وانظر: التلخيص الحبير (٤/ ٧٥).