للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآخرين، برحمتك يا أرحمَ الرَّاحمين. ثم يدعو لوالديه ولإخوانه وللمسلمين أجمعين.

"فائدة": يُروى عن العُتبي قال: كنت جالسًا عند قَبْرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فجاء أعرابيٌّ فقال: السلامُ عليك يا رسولَ الله، سمعت الله يقول: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} وقد جئتُك مستغفِرًا من ذَنْبي (١)، مستشفعًا بك إلى ربِّي، ثم أنشأ يقول:

يا خيرَ من دُفنتْ بالقاعِ أعظُمُهُ … فطابَ من طِيبهنَّ القاعُ والأكَمُ

نفسي الفداءُ لقبرٍ أنتَ ساكنُهُ … فيهِ العفافُ وفيه الجودُ والكرمُ

ثم انصرف الأعرابيُّ، فحملتني عيني فرأيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - في النَّوم فقال: يا عُتبي، الْحَقِ الأعرابيَّ؛ فبشِّره أن الله تعالى قد غفر له (٢).

(ولا يرفع صوته) لقوله تعالى: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ


(١) في "ذ": "ذنوبي".
(٢) أخرج هذه القصة البيهقي في شعب الإيمان (٣/ ٤٩٥ - ٤٩٦) حديث ٤١٧٨، وابن الجوزي في مثير العزم الساكن (٢/ ٣٠١) حديث ٤٧٧، وابن عساكر في معجم الشيوخ ص/ ٥٩٩، رقم ٧٣٨، وأعلها ابن عبد الهادي في الصارم المنكي ص/ ٢٥٣ فقال: ليست هذه الحكاية المذكورة عن الأعرابي مما يقوم به حجة، وإسنادها مظلم مختلف، ولفظها مختلف أيضًا، ولو كانت ثابتة لم يكن فيها حجة على مطلوب المعترض، ولا يصلح الاحتجاج بمثل هذه الحكاية، ولا الاعتمادُ على مثلها عند أهل العلم، وبالله التوفيق. اهـ. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٢٨٩): ولهذا استحبَّ طائفةٌ من متأخري الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد مثل ذلك، واحتجُّوا بهذه الحكاية التي لا يَثبتُ بها حكمٌ شرعيٌّ, لاسيما في مثل هذا الأمر الذي لو كان مشروعًا مندوبًا؛ لكان الصحابةُ والتابعون أعلمَ به وأعملَ به من غيرهم.