للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن عبد البَر (١): أجمع العلماء على أن ما عُرف بملك مالك غير منقطع، أنه لا يجوز إحياؤه لأحد غير أربابه. انتهى. ومراده: ما ملك بشراء أو هبة ونحوه، بخلاف ما ملك لإحياء ثم دثر، ففيه خلاف، فعند مالك (٢) يملك بالإحياء.

(وإن عُلم) مالكه (ولم يُعقِب) أي: لم يكن له ورثة (لم يملك) أيضًا بالإحياء؛ لحديث عائشة ترفعه: "مَن أحيا أرضًا ليست لأحدٍ" (٣) (وأقطعه الإمام من شاء) لأنه فَيْء.

(وإن كان) المَوات (قد مُلِك بإحياء، ثم تُرك حتى دَثَر، وعاد مواتًا، لم يُملك بإحياء إن كان لمعصوم) لأن ملك المحيي أولًا لم يزل عنها بالترك، بدليل سائر الأملاك.

(وإن عُلم ملكه) أي: الدارس الخراب (لمعين غير معصوم) بأن كان لكافر لا ذِمَّة له، ولا أمان (فإن كان بدار حرب واندرس، كان كموات أصلي، يملكه مسلم بإحياء) لأن ملك من لا عصمة له كعدمه. وإن كان بدار إسلام، فالصحيح: أنه لا يملكه بالإحياء، فلا أثر لإحيائه. وإن ملكه بنحو شراء، بأن وكَّل غير المعصوم معصومًا ليشتري له مكانًا، فاشتراه، ثم ترك حتى درس، وصار مواتًا فالظاهر أنه لا يُملك بالإحياء، فيكون فَيْئًا، بمنزلة ما جَلَوا عنه خوفًا منَّا. لكن مقتضى التعليل: أنه يُملك بالإحياء. وظاهره أيضًا: أن الذِّمي لا يملكه


(١) التمهيد (٢٢/ ٢٨٥).
(٢) المدونة (٦/ ١٩٥ - ١٩٦).
(٣) أخرجه البخاري في الحرث والمزارعة، باب ١٥، حديث ٢٣٣٥، بلفظ: "من أعمر أرضًا ليست لأحدٍ فهو أحق . . .". وأخرجه أبو عبيد في الأموال ص/ ٣٦٣، حديث ٧٠٣ باللفظ المذكور.