للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ماجه (١) عن ابن عباس مرفوعًا، ولأنه التزمه مؤجلًا بعقد، فكان مؤجلًا كالبيع. لا يقال: الحالُّ لا يتأجل، وكيف يثبت في ذمتيهما مختلفًا؛ لأن الحق يتأجل في ابتداء ثبوته بعقد، وهنا كذلك؛ لأنه لم يكن ثابتًا عليه حالًّا.

ويجوز تخالف ما في الذمتين (فلصاحب الحق مطالبة المضمون عنه في الحال دون الضامن) فلا يطالبه حتى يحلَّ أجله (وإن ضَمِنَ المؤجل حالًّا، صح) الضمان، ولم يصر حالًّا (ولم يلزمه) أي: الضامن (قبل أجله) لأن الضامن فرع المضمون عنه، فلا يستحق مطالبته دون أصله.

والفرق بينها وبين التي قبلها: أن الحالَّ ثابتٌ مستحق القضاء في جميع الزمان، فإذا ضمنه مؤجلًا، فقد التزم بعض ما يجب على المضمون عنه، فصح، كما لو كان الدَّيْن عشرة، فضمن خمسة، وأما المؤجَّل فلا يستحق قضاؤه إلا عند أجله، فإذا ضمنه حالًّا، التزم ما لم يجب، كما لو كان الدَّيْن عشرة، فضمن عشرين.


(١) في الصدقات، باب ٤٩، حديث ٢٤٠٦: أن رجلًا لزم غريمًا له بعشرة دنانير على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ما عندي شيء أعطيكه، فقال: لا والله لا أفارقك حتى تقضيني أو تأتيني بحميل، فجرَّه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: كم تستنظره؟ فقال: شهرًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فأنا أحمل له، فجاءه في الوقت الذي قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أين أصبت هذا؟ قال: من معدن, قال: لا خير فيها, وقضاها عنه. وأخرجه - أيضًا - أبو داود في البيوع والإجارات، باب ٢، حديث ٣٣٢٨، وعبد بن حميد (١/ ٥١٨)، حديث ٥٩٤، والطبراني في الكبير (١١/ ٢١٨) حديث ١١٥٤٧، والحاكم (٢/ ١٠)، وابن حزم في المحلى (٨/ ١١٦)، والبيهقي (٦/ ٧٤).
قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي، وضعَّفه ابن حزم.