للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(فأما مساكن ثمود، فلا تَمَلُّكَ فيها؛ لعدم دوام البكاء مع السُّكنى و) مع (الانتفاع؛ قاله الحارثي) وظاهر كلام غيره: تملك بالإحياء، ونقله في "الشرح"، بل صَرَّح به في "شرح المنتهى" عن جمع من الأصحاب؛ لعموم ما سبق.

(ويُكره دخول ديارهم) أي: ثمود (إلا لباكٍ معتبر، لا يصيبه ما أصابهم) من العذاب، للخبر (١).

(أو) كان أثر الملك به جاهليًّا (قريبًا) فيملك بالإحياء؛ لأن أثر الملك الذي به لا حُرمة له، أشبه آثار الجاهلي القديم.

(أو تردَّد في جريان الملك عليه) ولم يتحقَّق ملكه لمعصوم، ملك بالإحياء؛ لأن الأصل عدم جريان الملك عليه.

(ومتى (٢) أحيا أرضًا ميتة، فهي له) أي: للمُحيي (مسلمًا كان) المُحيي (أو ذميًّا) وسواء أحياها (بإذن الإمام أو) بـ (ــغير إذنه، في دار الإسلام وغيرها) لعموم ما سبق من الأخبار؛ ولأنها عين مباحة، فلم يفتقر ملكها إلى إذن الإمام، كأخذ المباح، وهو مبني على أن عموم الأشخاص يستلزم عموم الأحوال (إلا موات الحرم وعرفات) فلا يُملك بالإحياء مطلقًا؛ لما فيه من التضييق في أداء المناسك، واختصاصه بمحلٍّ؛ الناسُ فيه سواء، ومِنى ومزدلفة من الحرم كما سبق (٣)، فلا


(١) أخرج البخاري في المغازي، باب ٨١، حديث ٤٤١٩، ومسلم في الزهد، حديث ٢٩٨٠، عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: لما مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحِجْر قال: "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، أن يصيبكم ما أصابهم، إلا أن تكونوا باكين, ثم قنع رأسه وأسرع المسير حتى أجاز الوادي".
(٢) في متن الإقناع (٣/ ١٨) ونسخة أشار إليها في هامش "ذ": "ومن".
(٣) (٦/ ٧٠).