للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والعطاء الواجب لا يكون إلا لبالغ عاقل حُرٍّ بصيرٍ صحيح يُطيق القتال).

ويتعرَّف قَدْر حاجة أهل العطاء وكفايتهم، ويزيد ذا الولد من أجل ولده، وذا الفرس من أجل فرسه، وإن كان له عبيد في مصالح الحرب حسب مؤنتهم في كفايته، وإن كانوا لتجارة أو زينة، لم يحتسب مؤنتهم، وينظر في أسعار بلادهم؛ لأن الأسعار تختلف، والغرض الكفاية، ولهذا تُعتبر الذُّرية. قال الشارح (١): وهذا - والله أعلم - على قول من رأى التسوية، فأما من يرى التفضيل، فإنه يُفضِّل أهلَ السوابق والغَناء في الإسلام على غيرهم، بحسب ما يراه، كما فعل عمر - رضي الله عنه - (٢)، ولم يُقدِّر ذلك بالكفاية.

(فإن مرض مرضًا غير مرجوِّ الزوال كزَمَانة ونحوها) كالسلِّ والفالج (خرج من المقاتلة، وسقط سهمُه) لخروجه عن أهلية القتال، بخلاف ما يُرجى زواله كالحُمَّى والصُّداع.

(ومن مات بعد حلول وقت العطاء، دفع إلى ورثته حقّه) لأنه مات بعد الاستحقاق، فانتقل حقّه إلى ورثته كسائر الحقوق.

قلت: وقياسه جهات الأوقاف إذا مات بعد مضي زمن استحقاقه، يُعطى لورثته.

(ومن مات من أجناد المسلمين دُفع إلى امرأته وأولاده الصغار قَدْرُ كفايتهم) لتطيب قلوب المجاهدين؛ لأنهم إذا علموا أن عيالهم يُكفَون المؤنة بعد موتهم، توفَّروا على الجهاد بخلاف عكسه.


(١) في "ح": "قال الشيخ" والمثبت هو الصواب، انظر: الشرح الكبير (١٠/ ٣٣٧).
(٢) انظر ما تقدم (٧/ ١٨٨).