للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(والأَولى أن يكون الإناء ضيقًا) لأن علوَّ الماء فيه يظهر ويتضح (ويتعيَّن) في الإناء (أن يكون أعلاه وأسفله في السعة والضيق سواء، كقصبة) فارسية (ونحوها) ليتأتى ذلك العمل.

(ولا زكاة في غشها) أي: الدنانير أو الدراهم المغشوشة (إلا أن يكون) الغش (فضة، فَيُضم إلى ما معه من النقد، فضة كان أو ذهبًا) لما يأتي من أن أحد النقدين يُضم إلى الآخر في تكميل النصاب.

(ويُكره ضَرْب نَقْدٍ مغشوش، واتخاذه، نص عليه) قال في رواية محمد بن عبيد الله المنادي (١): ليس لأهل الإسلام أن يضربوا إلا جيدًا (٢). (وتجوز المعاملة به) أي: بالنقد المغشوش (مع الكراهة، إذا أعلمه بذلك) أي: بكونها مغشوشة (وإنْ جهل قَدْر الغش) وكذا لو كان غشها معلومًا، كما يعلم مما يأتي في الربا. وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتعاملون بدراهم العجم، وكان إذا زافت عليهم، أتوا بها إلى السوق، فقالوا: منْ يبِيعُنَا بهَذِهِ؟ ذلك أنه لم يضرب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا معاوية - رضي الله عنهم -. قال في "الفروع": ولعل عدم الكراهة، أي: في ضَرْب المغشوش ظاهرُ ما ذكره جماعة. قلت: فكذا في المعاملة، خصوصًا حيث عمَّت البلوى بها.


(١) هو الإمام المحدث، الثقة، شيخ الوقت، أبو جعفر، البغدادي، نقل عن الإمام أحمد "مسائل" وغيرها، حدَّث عنه البخاري، وأبو القاسم البغوي، وأبو داود وغيرهم. انظر: طبقات الحنابلة (١/ ٣٠٢)، وسير أعلام النبلاء (١٢/ ٥٥٥).
(٢) الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى ص/ ١٨١، والفروع (٢/ ٤٥٧).