للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يخلو، إما أن يغنم أو يغرم، ومن لم يخرج، بقي سالمًا من الغرم.

(فإن كان الجعل من الإمام من ماله، أو من بيت المال) جاز؛ لأن في ذلك مصلحة وحثًّا على تعليم الجهاد، ونفعًا للمسلمين.

(أو) كان الجعل (من غيرهما، أو من أحدهما) وحده؛ لأنه إذا جاز بَذْلُهُ من غيرهما، فمن أحدهما أَولى، وكذا لو كانوا ثلاثة فأخرج اثنان منهم، أو أربعة فأخرج ثلاثة منهم، ونحوه (على أنَّ من سبق أخذه؛ جاز، فإن جاءا معًا فلا شيء لهما) لأنه لا سابق فيهما.

(وإن سَبَق المُخرِجُ) للجعل (أحرز سَبقَه) بفتح الباء، أي: ما أخرجه (ولم يأخذ) السابقُ (من الآخر) المسبوق (شيئًا) لأنه إن أخذ منه شيئًا كان قمارًا.

(وإن سبق من لم يُخرِج، أحرز سَبَق صاحبه) فملكه؛ وكان كسائر ماله؛ لأنه عوض في الجعالة، فملك فيها، كالعوض المجعول في رَدِّ الضالة، فإن كان العوض في الذِّمة، فهو دين يقضى به عليه، ويجبر عليه إن كان موسرًا، وإن أفلس، ضرب به مع الغرماء.

(وإن أخرجا) أي: المتسابقان (معًا، لم يجز، وكان قمارًا؛ لأن كل واحد منهما لا يخلو من أن يغنم أو يغرم، وسواء كان ما أخرجاه متساويًا، أو متفاوتًا، مثل أن أخرج أحدهما عشرة، و) أخرج (الآخر خمسة، إلا بمحلل، لا يُخرج شيئًا) لما روى أبو هريرة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أدخلَ فرسًا بين فرسين، وهو لا يأمن أن يسبقَ فليسَ قمارًا، ومن أدخل فرسًا بينَ فرسينِ وهو آمنٌ أن يسبق فليس قمارٌ"، رواه أبو داود (١)، فجعله قمارًا إذا أمن السبق؛ لأنه لا يخلو كل واحد منهما أن يغنم أو


(١) تقدم تخريجه (٨/ ٥٤) تعليق رقم (١).