للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ما تقدَّم في أواخر الجنائز (١): كل قُربة فعلها مسلم وجعل ثوابها لحي أو لميت نَفَعه؛ لأن الصلاة ونحوها ليست واقعة عن الغير، بل للفاعل، وثوابها للمفعول عنه، على ما تقدم.

(فإذا وصَّى بدراهم لمن يُصلِّي عنه، تُصُدِّق بها عنه) أي: الميت (لأهل الصدقة) تحصيلًا لغرضه في الجملة.

(وتجوز الإجارة على ذبح الأضحية والهدي، كتفرقة الصَّدقة ولحم الأُضحية) ولحم الهَدي، لأن ذلك عمل لا يختص فاعله أن يكون من أهل القُربة؛ لصحته من الذمي.

(وتصح) الإجارة (على تعليم الخَط والحساب، والشِّعر المباح، وشِبهه) لأنه تارة يقع قُربة، وتارة يقع غير قُربة، فلم يمنع الاستئجار لفعله، كغرس الأشجار، وبناء البيوت.

(فإن نسيه) أي: ما تعلَّمه، من شعر، وحساب، ونحوه (في المجلس أعاد تعليمه) لأنه مقتضى العُرف (وإلا) بأن نسيه بعد المجلس (فلا) يلزمه إعادته؛ لأنه ليس مقتضى العقد.

(وتصح) الإجارة (على بناء المساجد، وكَنْسها، وإسراج قناديلها، وفتح أبوابها، ونحوه) كتجميرها (وعلى بناء القناطر، ونحوها) كالربط، والمدارس، والخوانك؛ لما تقدم.

(وإن استأجره ليحْجُمه، صح كـ) ـما لو استأجره لـ (ـفَصْد) لما روى ابن عباس، قال: "احتجمَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجَّامَ أجرهُ، ولو علِمهُ حرامًا لم يعطهِ" متفق عليه (٢)؛ ولأنها منفعة مباحة، لا يختص


(١) (٤/ ٢٣٥).
(٢) تقدم تخريجه (٩/ ٦٨) تعليق رقم (٣).