للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ويلزمه) أي: الإمام أو نائبه (الوفاء بها) أي: بالهُدنة؛ للزومها (فإن هادنهم) أي: الكفار (غيرهما) أي: غير الإمام أو نائبه (لم تصح) الهُدنة.

(ولا تصح) الهُدنة (إلا حيث جاز تأخير الجهاد) لمصلحة (فمتى رأى) الإمام أو نائبه (المصلحةَ في عَقْدِها؛ لضعف المسلمين عن القتال، أو لمشقَّة الغزو، أو لطمعه في إسلامهم، أو في أدائهم الجزية، أو غير ذلك) من المصالح (جاز) له عقدها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - "هادن قُرَيشًا" (١).

لكن قوله: "لطمعه في إسلامهم" رواية قطع بها في "شرح المنتهى" وغيره. والثانية: لا يجوز عَقْدها لذلك، ومقتضى كلامه في "الإنصاف" أنها الصحيحة؛ لأنه صحَّح أنه لا يجوز عَقْدها إلا حيث يجوز تأخير الجهاد، كما هو صَدْر عبارة المصنف، وقد تقدم (٢) أنه لا يجوز تأخير الجهاد لذلك على الصحيح.

ويجوز عَقْد الهُدنة عند المصلحة (ولو بمال منَّا ضرورةً) مثل أن يخاف على المسلمين الهلاك أو الأسر؛ لأنه يجوز للأسير فداء نفسه بالمال، فكذا هنا. وجاز تحمُّلُ صَغَارِ دَفْعِهِ؛ لدَفع صَغَارٍ أعظم منه، وهو القتل، أو الأسر وسَبْي الذرية المفضي إلى كفرهم.

وقد روى عبد الرزاق في المغازي عن الزُّهري قال: "أرسل رسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عُيينةَ بن حصنِ وهو مع أبي سُفْيان -يعني يومَ الأحزاب- أرَأيْت إن جعلْتُ لَك ثلثَ ثمرِ الأنصارِ أترجع بمَن معكَ مِن غَطفانَ أو تخذلُ بين الأحزاب؟ فأرسلَ إليهِ عييْنَة: إنْ جعلْتَ


(١) تقدم تخريجه (٧/ ١٥)، تعليق رقم (٢).
(٢) (٧/ ١٥).