للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا ناب عنه غيره في ذلك، كان له الرجوع، كما لو أدى عنه دينًا واجبًا عليه، فإن لم ينوِ الرجوع، لم يرجع؛ لأنه متبرع (ويأتي) ذلك (في الباب بعده.

ومن سُبي من أطفالهم) أي: الكفار (أو مميِّزيهم منفردًا) عن أبويه، فمسلم؛ لأن التبعية انقطعت، فيصير تابعًا لسابيه المسلم في دِينه (أو) سُبي (مع أحد أبويه، فمسلم) لحديث أبي هريرة مرفوعًا: "ما من مولود إلَّا يُولَدُ على الفِطرةِ، فأبواهُ يهوِّدانه، ويُنَصِّرانِه، ويُمَجِّسانِهِ" متفق عليه (١)، فجعل التبعية لأبويه، فإذا لم يكن كذلك، انقطعت التبعية، ووجب بقاؤه على حكم الفطرة.

قال أحمد (٢): الفطرة التي فطر الناس عليها: شقي أو سعيد. وذكر الأثرم (٣) معنى الفطرة (٤): على الإقرار بالوحدانية حين أخذهم من صُلب آدم، وأشهدهم على أنفسهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} (٥)، وبأن له (٦) صانعًا ومدبرًا وإن عَبَدَ شيئًا غيره، وسمَّاه بغير اسمه، وأنه ليس المراد على الإسلام؛ لأن اليهودي يرثه ولده الطفل إجماعًا (٧).


(١) البخاري في الجنائز، باب ٧٩، ٩٢، حديث ١٣٥٨، ١٣٨٥، وفي تفسير سورة الروم، باب لا تبديل لخلق الله، حديث ٤٧٧٥، وفي القدر، باب ٣، حديث ٦٥٩٩، ومسلم في القدر، حديث ٢٦٥٨. واللفظ له.
(٢) السنة للخلال (٣/ ٥٣٥ - ٥٣٦)، وأحكام أهل الملل من الجامع للخلال (١/ ٧٧، ٧٩) رقم ٢٧، ٣١, ٣٢، ٣٣، وطبقات الحنابلة (١/ ٣٢٨).
(٣) لعله في مسائله، ولم تطبع. وانظر: شفاء العليل لابن القيم (٢/ ٧٧٥).
(٤) في "ح" و"ذ": "على الفطرة".
(٥) سورة الأعراف، الآية: ١٧٢.
(٦) في "ح": "لهم".
(٧) انظر: الإجماع لابن المنذر ص/ ٨٥ - ٨٦.