للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإذا قال) الموصي للوصي: (ضع ثلثي حيث شئت، أو أعطِ (١)) لمَن شئت (أو تصدَّق به على من شئت، لم يجز له) أي: الوصي (أخذه) أي: الثلث لنفسه؛ لأنه تمليك ملكه بالإذن، فلا يكون قابلًا له كالوكيل، وقيل: يعمل بالقرينة.

(ولا) يجوز للوصي - أيضًا - (دفعه) أي: الثلث (إلى أقاربه) أي: الوصي (الوارثين) له (ولو كانوا فقراء) لأنه مُتَّهم في حَقِّهم، قال الحارثي: والمذهب جواز الدفع إلى الولد والوالد ونحوهم، واختاره صاحب "المحرر" لاندراجه تحت اللفظ، والتُّهمة لا أثر لها، فإن هذه العبارة تُستعمل في الرضا، بصرف الوصي إلى من يختاره كيف كان.

(ولا) يجوز للوصي - أيضًا - دفع الثلث (إلى ورثة الموصى) أغنياء كانوا أو فقراء؛ لأن الوصي نائب الميت، فلم يكن له الدفع إلى من لا يدفع المستنيب إليه، وإن قال: اصنع في مالي ما شئت، أو هو بحكمك افعل فيه ما شئت، ونحو ذلك من ألفاظ الإباحة، لا الأمر. قال أبو العباس (٢): أفتيتُ أن هذا الوصي له أن يُخرج ثلثة، وله ألا يخرجه، فلا يكون الإخراج واجبًا ولا حرامًا، بل موقوفًا على اختيار الوصي.

(ومن أوصي إليه بحفر بئر بطريق مكة، أو) بحفر بئر (في السبيل، فقال: لا أقدر. فقال الموصي: افعلْ ما ترى، لم يجز) للوصي (حفرها بدار قوم لا بئر لهم؛ لما فيه من تخصيصهم) نقله ابن هانئ (٣)؛ لأن ظاهر الوصية حفرها بموضع يعمُّ نفعه.


(١) في "ذ" ومتن الإقناع (١/ ١٧٨): "أعطه".
(٢) الاختيارات الفقهية ص/ ٢٨١.
(٣) مسائل ابن هانئ (٢/ ٤٥) رقم ١٣٦٧.