للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذمته) لخبر ابن عمر: "كنا نبيعُ الإبل بالبقيع بالدنانير ونأخذُ عنها الدَّراهم، وبالدَّراهم ونأخُذُ عنها الدنانيرَ، فسألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه، فقال: لا بأس؛ إن أخذتها بسعر يومها، ما لم تتفرَّقا وبينكُما شيءٌ" رواه أبو داود وابن ماجه (١)، فدل على جواز بيع ما في الذمة من أحد النقدين بالآخر، وغيره يُقاس عليه.

(و) يجوز (رهنه) أي: رهن الدَّين المستقر (عنده) أي: عند من هو في ذمته (بحق له) أي: لمن هو في ذمته؛ هذا أحد روايتين ذكرهما في "الانتصار" (٢). قال في "الإنصاف": الأولى الجواز، وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب حيث قالوا: يجوز رهن ما يصح بيعه. انتهى.

قلت: بل يكاد صريح كلامهم أن يكون بخلافه، حيث قالوا: الرهن: توثقة دينٍ بعين، بل صرَّح المجد في "شرحه" بعدم صحته.

(إلا رأس مال سَلَمٍ بعد فسخ) السَّلَم (وقبل قبض) رأس ماله، فلا يصح بيعه ولو لمن هو عليه، ولا رهنه عنده؛ لما تقدم.

(لكن إن كان) الدين (من ثمن مكيلٍ، أو موزون، باعه بالنسيئة) أو بثمن لم يقبض (فإنه لا يصح أن يأخذ عوضه ما يشارك المبيعَ في علَّةِ ربا فضلٍ أو نسيئةٍ) فلا يعتاض عن ثمن مكيل مكيلًا، ولا عن ثمن موزون موزونًا (حسمًا لمادة ربا النسبئة، وتقدم) ذلك (آخر كتاب البيع) (٣) مبينًا.

(ويُشترط) لصحة بيع الدَّين الثابت في الذمة لمن هو عليه (أن يقبض عوضه في المجلس إن باعه بما لا يُباع به نسيئة) كأن باع الذهب


(١) أبو داود في البيوع، باب ١٤، حديث ٣٣٥٤، وابن ماجه في التجارات، باب ٥١، حديث ٢٢٦٢، وقد تقدم تخريجه (٨/ ٤٧) تعليق رقم (٢).
(٢) لم نقف عليه فيما طبع من الانتصار، وانظر: الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير (٥/ ١١١).
(٣) (٧/ ٣٧٩).