للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و "الشرح" أنها قولُ أكثرِ أصحابنا، وهي قولُ أكثرِ الفقهاء؛ لحصول ذبحِه، وحصولِ الأسباب المذكورة بعد الموت بالذبح، فلم يؤثر ما أصابه؛ لحصوله بعد الحكم بحله.

قلت: ويؤيدُه ما سبق في كسر عنقه.

(وإن ذبح كتابي ما يحرم عليه يقينًا كذي الظُّفر، وهي الإبل والنعام والبطّ، وما ليس بمشقوقِ الأصابع) لم يحرم علينا؛ لأن قصدَه لحله غيرُ معتبر (أو) ذبح كتابي (ما زعم أنه مُحَرَّم عليه، ولم يثبت عندنا تحريمُه عليه، كحال الرئة ونحوها؛ لم يحرم علينا) لأنه من أهل الذَّكاة وذَبَح ما يحل لنا، أشبهَ المسلم. (ومعناه) أي: حال الرئة (أن اليهود إذا وجدوا الرئةَ لاصقةً بالأضلاع امتنعوا من أكلها زاعمينَ تحريمها، ويسمونها اللازقة، وإن وجدوها غيرَ لاصقة أكلوها.

وإن ذبح) الكتابي (حيوانًا غيره) أي: غير ما يحرم عليه (مما يحل له، لم تحرم علينا الشحومُ المُحَرَّمة عليهم، وهي شحمُ الثَّرْبِ) بفتح الثاء المثلثة وسكون الراء (شحمٌ رقيقٌ يغشى الكَرِش والأمعاء، وشحم الكُلْيتين) واحدهما (١) كُلْية وكُلْوة بضم الكاف فيهما، والجمع كُلْيات وكُلًى.

(ولنا) معشر المسلمين (أن نتملكها) أي: الشحوم المُحَرَّمة عليهم (منهم بما ينقل الملك) من بيع أو نحوه؛ لما روى عبدالله بن المغفّلِ قال: "أصبتُ من الشحم يوم خيبر فالتزمته، فقلْتُ: لا أعطي اليومَ أحدًا شيئًا، فالتفتُّ، فإذا رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- متبسّمًا" رواه مسلم (٢)؛ ولأنها ذكاة


(١) في "ذ": "واحدها".
(٢) في الجهاد والسير، حديث ١٧٧٢.