للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وقال الموفَّق والشارح وغيرهما: الاعتبارُ في حِلّه عدمُ الإسكار، سواء ذهب بطبخه ثلثاه أو أقل أو أكثر) لأن العلة مظنة الإسكار، وحيث انتفت فالأصل الحل.

(والنبيذُ مباحٌ ما لم يَغْلِ، أو تأتِ عليه ثلاثة أيام) بلياليهن (وهو) أي: النبيذ (ما يُلقى فيه تمرٌ، أو زبيبٌ، أو نحوهما؛ ليَحْلُوَ به الماءُ، وتذهب ملوحته) روى أحمد، ومسلم، وأبو داود عن ابن عباس: "أنه كان ينقع للنبي - صلى الله عليه وسلم - الزبيب، فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الليلة الثالثة، ثم يؤمر به فيسقى ذلك الخدم أو يهراق" (١)، وقوله: "إلى مساء الليلة الثالثة" يكون (٢) قبل تمام الثلاث بقليل، فيسقى ذلك الخدم إن شاء، أو يشربه، أو يهراق قبل أن تتم عليه الثلاث لينبذ غيره في وعائه.

(فإن طُبخ) النبيذ (قبل غليانه حتى صار غير مُسْكِر، كرُبِّ الخَرُّوب (٣) وغيره، فلا بأس) إذا كان قبل أن يأتي عليه ثلاثة أيام بلياليهن، وظاهره: وإن لم يذهب بالطبخ ثلثاه، وهو واضح على قول الموفّق ومن تابعه، وعلى الأول يحتاج للفرق بين العصير والنبيذ.

(وجعل) الإمام (أحمد (٤) وَضْع زبيب في خَرْدَل كعصير) يعني: يحرم إذا غَلَى أو أتت عليه ثلاثة أيام؛ صَرَّح به في "المستوعب" (وأنه إن


(١) أحمد (١/ ٢٢٤)، ومسلم في الأشربة، حديث ٢٠٠٤ (٨١)، وأبو داود في الأشربة، باب ١٠، حديث ٣٧١٣.
(٢) زاد في "ذ": "قبل الغروب".
(٣) الخَرُّوب والخرنوب: شجر ينبت في جبال الشام له حب كحب الينبوت يسميه صبيان أهل العراق القثاء الشامي، وهو يابس أسود. لسان العرب (٤/ ٧٨) مادة (خرنب).
والينبوتُ: شجر الخشخاش، وشجر آخر عظام، أو شجر الخروب. القاموس المحيط ص/ ٢٠٦، مادة (نبت).
(٤) انظر: الفروع (٦/ ١٠٢).