للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكره في "الفروع". وإن كتب كناية طلاقها بما يتبين (١) فهو كناية على قياس ما قبله.

(وإن نوى) بكتابته طلاقَ امرأته (تجويدَ خطه، أو غَمَّ أهلِه، أو تجربة قلمه؛ لم يقع) طلاقه؛ لأنه إذا نوى تجويد خطه، أو تجربة قلمه، ونحوه؛ فقد نوى غيرَ الطلاق، ولو نوى باللفظ غير الإيقاع؛ لم يقع، فهنا أولى، وما وردَ من قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "عُفي لأمتي عمَّا حدَّثَت به أنفسَها ما لم تتكلمْ أو تعملْ به" (٢) إنما يدلُّ على مؤاخذتهم بما نَوَوْه عند العمل به، وهذا لم ينوِ طلاقًا يؤاخذ به (ويُقبل) منه ذلك (حكمًا) لأن ذلك يُقبل في اللفظ الصريح على قول، فهنا أولى.

(وإن كتبه) أي: صريحَ طلاق امرأته (بشيء لا يتبين، مثل أن كتبه بإصبعه على وسادة ونحوها، أو على شيءٍ لا يثبت عليه خط، كالكتابة على الماء، أو في الهواء؛ لم يقع) طلاقه؛ لأنَّ هذه الكتابةَ بمنزلةِ الهمس بلسانه بما لا يُسمع (فلو قرأ ما كتبه، وقصد القراءةَ؛ لم يقع) طلاقُه، كلفظِ الطلاق إذا قصدَ به الحكاية ونحوها، ويقبل منه ذلك حكمًا.

(ويقع بإشارة مفهومة من أخرس فقط) لأنه يُفهم منها الطلاقُ، أشبهت الكتابة (فلو لم يفهمها) أي: الإشارة (إلا البعض؛ فكناية) بالنسبة إليه (وتأويله) أي: الأخرس (مع) الـ (ـصريح) من الإشارة (كالنطق) أي: كتأويله مع النطق فيما يقبل أو يرد، على ما تقدم تفصيله.

"تتمة": قال في "الشرح": وإن أشار الأخرس بأصابعه الثلاث لم يقع إلا واحدة؛ لأنَّ إشارته لا تكفي. انتهى. وفيه نظر إذا نواه.


(١) في "ذ": "يبين".
(٢) تقدم تخريجه (٥/ ٢٦١) تعليق رقم (٣) و (٦/ ١٩١) تعليق رقم (٢).